بعد الألم الذي عايشناه يوم الجمعة السابقة لا أعاد الله أحداثها مرة أخرى، وبعد كتابة عدة مقالات تتحدث عن لزوم درء الفتنة وعدم استغلال الظرف الطارئ وعدم الإستقواء بالخارج، ولأننا تعايشنا مع واقع ملموس سنين خلت، كان فيه جزء من أبناء الشعوب الثائرة المنتفضة الآن شريكا حقيقيا وداعما ومؤيدا ومدافعا عن أنظمة البطش والظلم والإستبداد، فكان صمته جريمة، وتصفيقه للظالم خيانه، ودعمه للديكتاتورية مصلحة مادية دنيوية، بل قد وصلت الوقاحة في بعض الأحيان من زبانية الحكام المطاح بهم ومن هم على طريقهم سائرون إلى اتهام من يدافع عن وطنه ويغار على مصالحه وثرواته بالعمالة والخيانة، وأن من يعارض الظالم مأجور يريد زعزعة أمن البلاد، فزج بالأبرياء الأنقياء في السجون لا لشيء إلا أنهم قالوا كلمة حق في وجه من لا يبحث عنها بل وهي عبء ثقيل عليه، نسوق هذا الكلام في هذا الوقت الحرج لا للتشجيع على الفوضة أو دعم أحزاب أو جهات أو حركات تحاول العبث في أمن واستقرار الأوطان، وهمها الأول والأخير المنفعة الشخصية وانتهاز الفرص واستغلال ما تمر به المنطقة من منعطف خطير، فقد بينا رأينا جليا في مقالات سابقة ولكن نسوق هذا الكلام لأننا نريد التأكيد على أن الظلم لا يدوم وأن السارق الظالم المجرم سيحاسب في الدنيا وإن أفلت فيوم الحساب الأكبر أمام الخالق العظيم، وأحذر إخواني من أن الجميع مطالب في هذا الوقت الحرج أن يكون يدا واحدة في قطع كل الطرق على المترصدين والطامعين والحاقدين، وأطالب دولة معروف البخيت وفريقه الوزاري بالعمل فورا على تحقيق طلبات قائد البلاد ورؤيته الشاملة للإصلاح والمتمثلة بمحاربة الفاسدين فعلا لا قولا وبأثر رجعي، والمضي بإقرار هيكلة حقيقية للرواتب تحارب الفروق الشاسعة الظالمة بين موظفي الدولة، فالشعب يريد أن يلمس النتائج لا يريد كلاما ولا وعودا ولا لجانا، وإن كانت الحكومة ترى أنها لا تستطيع تقديم شيء ملموس للمواطن وأنها غير قادرة على إتخاذ الخطوات المتوقعة أو المرجو اتخاذها على صعيد الإصلاح والتطوير ومعالجة الفساد ودفع التنمية بخطوات ملحوظة لتحسين مستوى حياة المواطنين وحفظ كرامتهم وأمنهم ومصالح الفقراء منهم خاصة في جميع أنحاء المملكة… فلتفدم استقالتها فورا لملك البلاد، وبذلك تقطع الطريق أمام كل متربص ومستغل للأحداث التي تجري من حولنا ويريد عكسها على الداخل الأردني.
يجب أن يتولد شعور عالي بالمسؤولية لدى كل مواطن أردني غيور على بلده وحريص على وحدته وأمنه واستقراره وأن ترتفع درجة الوعي التي أيقظتها الأحداث المستجدة في المنطقة العربية وتشكل حافزا لكل الغيورين في هذا البلد لمحاربة كل أشكال الفساد والترهل وألا يكونوا شركاء في خراب بلدانهم والسير بها نحو المجهول، نتائج الثورات يجب أن تزرع فينا حب العطاء والبذل والتضحية من أجل إعلاء كلمة الله أولا ومن ثم راية بلدنا الغالي وأمتنا العربية الكبيرة المجروحة من أكثر من جهة، وليس المس بوحدة وتماسك الوطن.
استخلاص العبر والدروس يجب أن يكون مستعجلا؛ لأن الأوضاع ملتهبة من حولنا، وعجلة الحياة والتغيير تدور بسرعة قصوى، لهذا يجب على كل واحد منا مراقبة سلوكه وتصحيح منهجه فالتغيير الصحيح والحقيقي يبدأ من الفرد فالأسرة ومن ثم يعم الخير المجتمعات والأوطان، فعلينا محاربة فساد أنفسنا وما تربينا عليه من جبن وخنوع في قول الحق، والإعتناء بالأجيال القادمة لتكون هي التي تبني أوطانها بشكل صحيح من البداية ولا تنتظر سنين طوال لينتفض أشبالهم على الظلم والقهر، لنربي أبناءنا على الحق والفضيلة والأخلاق الحميدة، ولنربيهم على قيمنا الإسلامية العربية الحقيقية، ولزاما على كل منا محاربة الخوف ونزعه من صدور الأجيال القادمة وتعريفهم بالعدو الحقيقي لهذا البلد ولهذا الدين ولهذه الأمة وهو العدو الصهيوني، لعله يخرج غيورا كصلاح الدين ويحرر فلسطين والعراق وسائر البلدان العربية والإسلامية المغتصبة، فالله جل جلاله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلنبدأ بتغيير مفاهيمنا الخاطئة، ولنعمل بصدق وإخلاص ولنعترض على القرار الخاطىء لحظة اتخاذه وليس بعد سنين، حمى الله الأردن بلدي وسائر البلاد العربية والإسلامية وحقن دماء أبناء أمتنا وأبعد عنا الطامعين بثرواتنا الخلقية والدينية والنفطية إنه ولي ذلك والقادر عليه.