أنّ ما واجهه المجتمع العربي من مؤامراتٍ داخلية وحروبٍ استنزافية لهو دليلٌ على شموليّة العَداء الغربيّ الذي يُكَنُّ لهذه السلالة وهذا الدين , وانّ ما آل اليه حال الامة العربية والاسلامية لهو النتيجة الطبيعة للبناء الاقتصادي والاجتماعيّ الهش والقراءة السَّطحيّة للسياسات الخارجية والمعاهدات الخادعة الواهنة والحلف الوهميّ الفاشل.
المُضحك المُبكي في الطّرح السياسيّ العربيّ انه طرح ٌ يكادُ يكونُ عقيما , يَحْتَكِمُ في تحرّكه المَرحليّ القصير الاجل الى خضوعٍ و انقياد وتوجيه من السياسات العالميّة الكبرى, ,فيترك اثره السلبي ليتراكم ويتشكل ظواهر اجتماعية فاسدة تارة او تجمع ديني متطرف تارة أخرى , حين أنه ومع وفرة المصادر الغنية المادية والمعنوية لم يتبنّى يوما فكراً سياسياَ حراً او تنمية اقتصادية طويلة الامد تبقيه صلباً أمام التحولاتِ الكونيّة السّريعة السياسيّة منها والاقتصاديّة والاجتماعيّة والتي تقتضيها دوماً المصالح المشتركة لا الاهداف, فأخذوا من الديمقراطية الاسم واسقطوه على شعوبنا بلا أعداد ولا رحمة.... كما فعلوا بالضبط بالتقنية الاقتصادية والعسكرية الغربية ....ليس ذلك فحسب بل عبث الساسة العرب بدعم من المثقف الحالم والافتاء المُطيع على مدى سنين مضت بمفاهيم اسلامية هزت ميزان الفكر الشعبي الراكز وشوهت احداث مرجعية في تاريخنا الحضاري فحصروا السَّلْم في معاهدة والجهاد في عضويّة والاعداد في حليف وبررّوا فشلهم على الارض بحديث شرقي النهر وغربيّه بل وأدمنوا شهوة الفساد بافتخار في أصقاع اوطانهم الجائعة, واستنكروا وشجبوا في قضية فاضاعوها واضاعوا في تسارع زمني لاجلها الف قضية....وعلى الشّق الاخر فقد غاب عن الفكر الحزبي بناءِ جيلٍ قويٍ في مواجهة تحديات العصر حين تاهت تلك الاحزاب والجماعات في الصراعات السياسية والاجتماعية ووقعت فريسة سهلة في فخ الاعلام الديني المسيّس ,فتهاوت باغراء رسمي على المنصب السياسي الذي كان في حقيقته مجرد ألة خادمة بجهاز تحكم غربي عن بعد....
في الاردنِّ لن نقولَ لماذا ايران الان ...لانَّنا وبكل بساطة نجهل ما أُخْفيَ وراء الكواليس... لكن من منطلق واجبنا الاخلاقي انْ وجد فعلينا انْ نعترف بداية بأن ّ ايران وبعيداً عن اتجاهها السياسي وفكرها الديني وخططها الخاصة في المنطقة العربية قد أفاقت مبكراً منذ عقود وتلاقى فيها الفكر السياسي والثقافي على عدو واحد فتمحورت اهدافها بعد ان توحدت مراجعها و التزمت خط سير متوازن وابلت بلائاً حسنا في تنفيذ الأمر الربّاني (وأعدّوا لهم) فأرهبت ونجحت وقد أتت الحرب التي قضتها مع العراق لثمان سنوات بثمارها حين أدركت انها في عالمٍ لا يعترفُ الا بالمصالح فحافظت على كينونتها وسيادتها وبنت فِكْرها السياسيّ والثقافيّ والتزمت الصمت حتى تمكّنت ,فاستطاعت بعد زمنٍ وفي تحدٍ مثاليّ من استدراج العالم الى قاعٍ مُظلم كانت الوحيدة التي تملك فيه الشمعة والسلاح والوحيدة التي تعتقت جذورها بداخله وتعرف كل اسراره وزواياه, وعلى الزاوية الاخرى نتساءل الى ماذا قادنا نفط العرب وقادتهم من قبل وجامعتهم الوهميّة ومؤتمراتهم الشكليّة سوى الى ضعفٍ يتلوه ضعف واذلال بعد اذلال ...البلد الوحيد الذي علا صوته ضد الاحتلال الصهيوني تم اغتياله وضح النَّهار بحلفٍ عالميّ أو حتّى بحرب عالميّة وَقَفَ العالمُ كله فيها طرف والعراق طرف اخر وحيد أمام موقف اخلاقيّ هزيل حين ساهم بعض العرب في هذا الدمار والبقية أجهزوا عليه بصمتهم.
لماذا ايران الان...لانّ ايران هي التي تضعُ الشّروط وليس نحن ...لان قواعد بَقائنا وسيادتنا لم تَعُد قرارنا الحُرّ بل ربَّما قرار أًمَميّ قادم يصاغ في محفل دولي في مجلس الامن يوما ما...ولان ايران اصبحت القوة التي يحسب لها الحساب, ونحن من صفقنا يوماً لحزب الله ضد اسرائيل ثم نددنا بحزب الله بعدها ولم تستقر سياستنا على فكر ثابت فعبثت بامواج قراراتنا الرسمية رياح حالتنا الاقتصاديّة المعدمة, فذهبنا لنجامل هذا وتقربنا خوفاً من ذاك وكثرت جبهات حربنا من فساد وضعف داخلي الى جبهات خارجية هائجة لا طائل لنا بها...واصبحنا هائمين نقاتل الان عدو مجهول في مقولة مُكرهاً أخاك لا بطل لم يتجرأ أحد على الاعتراف بها......
لماذا ايران الان ....لان العرب سمحوا بضعفهم ان تكون الان.. ولانها خططت كيف تكون هنا الان....
shnaikatt@yahoo.com