لم اعد استخدم ساعة المنبه منذ ان اصبحنا مجاورين لاحدى المدارس الحكوميه , فكل يوم يوقضني من نومي وعلى حين غرة صوت عمر العبداللات بأغانيه الوطنيه والاحتفاليه , حتى انني اصبحت اطلق على المدرسه , مدرسة عمر العبداللات , فكل صباح يبدأ يومي بأغنيه لعمر , بدءاً من ( ارفع ايدك ادي التحيه , وانتهاءاً باغنيته الاحتفاليه درج يا غزالي بالورد والحنا روشو العراييس ) وللامانة منذ ايام دخلت اغنية جديده على الخط من ضمن كلماتها التي علقت بذهني ( قلبي يهوا العماني والكركي والمعاني الخ ) .
كنت اظن ان المعلمة المسؤوله عن الاذاعة المدرسيه في هذه المدرسه تميل لصوت عمر , ولكن عندما سألت زميل لي كيف الاذاعه المدرسيه في مدرسة الحي الذي تقطنه , صرخ مزمجراً وكأنني ايقضت في داخله بركاناً , يا رجل هذه ليست مدارس وانما قاعات افراح , اغاني وبقمة الازعاج تتكرر كل يوم , ( من ما هب ودب ) , فقلت له مقاطعاً , بس فيها اغنية بالورد والحنا .... , فضحك وقال لي , شريط عمر العبداللات كاملا ( حفظناه ) ؟؟؟
ما سردته ليس استخفافاً بأغاني عمر , فهو مطرب محبوب , غنى لكل المناسبات , وله شعبيته .
ولكن اللوم على القائمين على الاذاعات المدرسيه , الذين افرغوا هذه الاذاعات من اهدافها , فاستكفا القائمين عليها بتكليف طالبه بتشغيل شريط يبدأ بفاتحة الكتاب والسلام الملكي ثم الاغاني التي تحدثنا عنها .
والسؤال هل تحقق الهدف المنشود فيما يقدم من خلال الاذاعة المدرسيه في مدارسنا ؟
لقد عادت بي الذاكره , لزمن بعيد , حينما كنا في المدارس , لقد كانت الاذاعة المدرسيه حينها منبراً لابداعات الطلبه ,
في كل يوم هناك فقره للمتميزين , يقدموا نتاجهم , اما في القصه او القاء لشعر او الغناء او تجويد القران الخ , وكانت تجرى مسابقات بسيطه لدقائق حول معلوات عامه , ثم كلمه توجيهيه لمدير المدرسه , كان يسبق كل هذا رفع العلم على الساريه بمصاحبة السلام الملكي الذي كنا نردده انشاداً بدون مذياع , وننشد يا علمي يا علم يا علم العرب..الخ , ثم انشودة بلاد العرب اوطاني , يليها تمارين سويديه لمدة خمس دقائق .
كان يتخللها تفتيش على الطابور( الهندام , الشعر , الاظافر ) من مربي الصفوف والمدير . , كل هذا لايتجاوز ربع ساعه في حده الاعلى . فأين ما كنا فيه , فيما نحن الان فيه ؟
نحن نعلم بأن اهداف الاذاعة المدرسيه تنبثق من اهداف الاعلام التربوي , وتقوم على احياء فلسفة المجتمع المدرسي المرتكز على التفاعل الايجابي المثمر , وتبادل الخبرات , وتزويد الطلبه بالمعلومات والمعارف التي تنمي فيهم حب الاستطلاع , واذكاء روح التنافس بصوره هادفه ومشوقه , وتكسبهم مهارة الاتصال الاذاعي والتعبير عن ارائهم وافكارهم وطرح واقعهم وتطلعاتهم من خلال هذا المنبر , والذي يعتبر اولى منابر اطلاق الحريات الواعيه ضمن منظومه تؤصل الديمقراطيه واحترام الرأي الاخر .
فعندما يسهم الطلبة في وضع خطه اسبوعيه اوشهريه لما يراد طرحه من خلال اذاعتهم , وبما يتناسب مع الانشطه الهادفه , ينمي فيهم هذا روح التجديد والتعبير عن الراي والتنافس , ويدربهم على البحث والتعرف على مصادر المعلومات , وينمي فيهم روح الابتكار والتذوق , وكل هذا يكشف لنا عن المواهب التي يمكن ابرازها ورعايتها .
فالاذاعه المدرسيه وسيله اعلاميه تتيح للطلبه التعبيرعن ارائهم واظهار قدراتهم وابداعاتهم , وهي وسيله من وسائل التعليم الواقعي .
وما تقدمه الاذاعات المدرسيه الان بحاجه الى مراجعة تقويميه , ووضع برامج اثرائيه واهداف جديده تتناسب مع المستجدات والتغيرات المعرفيه والفكريه والثقافيه والاخلاقيه .
د. نزار شموط