ان اغلب الدراسات التي تناولت موضوع الارهاب ومسبباته والبيئة الخصبة لوجوده لم تتطرق بشكل تفصيلي للدور الثقافي والتربوي الذي يعتبر القلم هو الموجه الرئيسي لسلوك وتصرفات الافراد باي مجتمع كان , فتلك الدراسات تحدثت عن الارهاب كممارسه واظهرت نتائجه الوخيمة على المجتمعات من خلال صور القتل والتخريب والدمار , وأسهبت في التصدي لتلك الظاهرة الخطيرة والتي تهدد امن الانسان بأي مكان من خلال الدعوات المتواصلة لمحاربته بشتى الوسائل الممكنة , الا ان تلك الدعوات بمقاومته لم تركز بشكل تفصيلي على دور الاعلام والكتابة بالمجابهه والتصدي له بنفس الحجم الذي كرسته من خلال التحالفات العسكرية والاقليمية المسلحة , ولم تأخذ باعتبارها ان الفكر المسموم هو المحرك الرئيسي للمشاعر والافكار السوداء العدائية , حيث ان اغلبية تلك الدراسات تعاطت مع مفهوم الارهاب على انه مجرد اجرام يهدد ارواح الناس ويدمر المدن والمنشات وصورته على انه ظاهرة تنتهي بمجابهته بالقوة وبنفس الاسلوب الذي تنتهجة تلك الجماعات بعملياتها القتالية , فقد اعتبروه (الارهاب) بفكره الاجرامي انه بدأ بالسيف ولن ينتهي الا بالسيف والمجابهة العسكرية وتناسوا بنفس الوقت ان الاعلام والكتابة هي من انشأت تلك الجماعات الارهابية , لن ينكر احد ان هنالك عوامل هامة ادت لظهور ذلك الفكر مثل الفقر والبطالة والظلم وغياب الوازع الديني السليم , الا ان تلك الظروف بمجملها فسرت من قبل الكثيرين من اصحاب الرأي والاعلام بمقاييس متنوعة وبأساليب مختلفة وحسب فكر سياسي موجه لاغراض تعتبر التصعيد هو السبيل لاي حلول اجتماعية وسياسية, فبعض الكتاب تناولوا على سبيل المثال لا الحصر ان التصعيد الزائد بكتابتهم لحل مشكلة اجتماعية معينة لايأتي بنتائج ايجابية الا اذا خلقت حالة استياء عامة من قبل الاكثرية للانظمة الحاكمة وبالتالي عمل شرخ اجتماعي كبير بين من هو مؤيد ومن هو معارض لاي سياسة قائمة , وكذلك ما هو واضح بطريقة واساليب الكتاب الدينيين الذي يوجهوا خطاباتهم المدونة لجيل الشباب المتحمس من خلال خلق تفاسير تشجع على قيام فكر يقاوم مجمل الافكار السائدة بالمجتمعات , وبعض اصحاب الاقلام الذين يوجهوا اقلامهم من خلال الكتابة الثورية على العادات والتقاليد ويعتبرون ذلك سبيلا للخلاص من الظلم والتعسف الواقع على المجتمعات , اذا وكما هو ملاحظ فان الدور الذي تلعبه الكتابة اما ان يكون توجيهيا تصحيحيا او ان يكون ذا مغزى وهدف لايخدم المجتمع بقدر خدمته لفئات خاصة وبالتالي تدمير المجتمعات وتحويل الجزء الاكبر من شبابها كصورة ارهابية لاتؤمن الا بالقوة والسيف والقتل كوسيلة للتغيير ,لذلك نؤكد بان الارهاب قبل ان يبدأ بالسيف والقتل كان اساسه التغير الفكري عن طريق الكتابة والخطابة بشتى انواعها , فاليوم علينا اذا ما اردنا مجابهة الارهابيين وفكرهم الهدام التدميري ان نبدأ باعادة صياغة فكرنا الكتابي والاعلامي من جهة واسلوبنا التربوي الصحيح لاجيالنا القادمة من جهة اخرى , فالحروب العسكرية اذا لم يصاحبها تعديلا للمسارات الاعلامية بالاتجاه الصحيح ستبقى ناقصة ولن تزيدنا الا مزيدا من العنف والتطرف ونمو جديد لارهاب جديد ....
nshnaikat@yahoo.com