يساعد "التعليم العالي" البلدان على بناء اقتصاديات قادرة على المنافسة عالمياً من خلال تطوير قوة عاملة ماهرة ومنتجة ، ومن خلال خلق وتطبيق ونشر الأفكار والتكنولوجيا الحديثة. وقد أظهرت دراسة عالمية حديثة عن براءات الاختراع، على سبيل المثال، أن الجامعات ومعاهد البحوث، بدلاً من الشركات، هي التي تدفع التقدم العلمي في مجال التكنولوجيا الحيوية. في حين يرى البعض أن العلاقة تكاملية بين قطاع الصناعة وقطاع التعليم العالي.
ولبناء مجتمعات المعرفة، جاء في أحدث تقرير للبنك الدولي حول مساهمة التعليم العالي في التنمية الاقتصادية المستدامة، أنه لا بد من خلق أنظمة "تعليم عالي" عالية الأداء تشمل مجموعة واسعة من النماذج، وليس المؤسسة الجامعية البحثية فحسب، بل أيضاً المعاهد الفنية، ككليات الفنون والمعاهد التقنية قصيرة المدة وكليات المجتمع والجامعات المفتوحة، وهكذا دواليك، التي تنتج معاً مجموعة متنوعة من العمال المهرة والموظفين يحتاجها سوق العمل. ولكل نوع من هذه المؤسسات دور هام في تحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف مكونات نظام "التعليم العالي" وهو الشغل الشاغل للعديد من الحكومات حول العالم. وحتى في اقتصاد متطور نسبياً (مثل تشيلي). فان عدم وجود قطاع التعليم الفني والتقني يقوض قدرة البلاد لتلبية الطلب على اليد العاملة الماهرة.
إن مصطلح" الجامعة العالمية " أصبح مصطلحاً ملفتاً للإنتباه والإهتمام، ليس لمجرد تحسين نوعية التعلم والتعليم والبحث في التعليم العالي ولكن أيضا، وأكثر أهمية، لتطوير القدرة على المنافسة في السوق العالمي لخريجي مختلف مؤسسات التعليم العالي من خلال المعرفة المتطورة وتطبيقها العملي، الذي يتبعها خلق التكنولوجيا المتقدمة ونشرها. ومع رغبة الطلبة الدراسة في أفضل مؤسسات التعليم العالي الممكنة، بغض النظر عن بُعد المسافات، ومع حرص الحكومات على تعظيم العوائد على استثماراتهم في الجامعات ومكانة عالمية للجامعات الوطنية أصبحت العالمية مصدر قلق متزايد الأهمية لمؤسسات التعليم العالي في جميع أنحاء دول العالم. فمثلاً يتوقع أن يرتفع عدد الطلبة الأجانب الدارسين في بريطانيا لستمائة الف بعد خمس سنوات من الأن ولهذا الرقم مردود اقتصادي كبير على الجامعات والدولة. فهل سيزيد ام سيتناقص عدد الطلبة العرب والاجانب في الاردن في العقد القادم؟!
أن تصبح عضواً في مجموعة الجامعات العالمية النخبة فان ذلك لا يتحقق من خلال إعلان الجامعة ذاتياً عن نفسها؛ بل من خلال الإعتراف الدولي بها. وحتى وقت قريب، فلقد أصبح تقليدياً أن تكون جامعات مثل هارفارد وكولومبيا وأكسفورد وكامبريدج وطوكيو في عداد مجموعة حصرية من جامعات النخبة، وهذا مقياس مباشر ودقيق لنتائجهم المتعلقة بتدريب الخريجين، ومخرجات البحوث العلمية، ونقل التكنولوجيا. حتى أن اعلى الرواتب في سوق العمل ذهبت لخريجيها ويمكن أن يُفسر ذلك بسبب القيمة الحقيقية لتعليمهم.
أما المواصفات التي تملكها الجامعات ذات المستوى العالمي ولا تملكها الجامعات العادية، فهي: وجود عدد كبير من الطلبة والمدرسين الموهوبين وخريجين مرغوبين للغاية في سوق العمل ووفرة الموارد لتقديم بيئة تعليمية غنية وإجراء البحوث المتقدمة ووجود إدرات جامعية لديها رؤية واضحة واستراتيجية عملية ومرنة تمكن المؤسسات من إتخاذ القرارات وإدارة الموارد بعيداً عن البيروقراطية.
ولا بد من توفر بعدين لدراسة كيفية تأسيس جامعات جديدة من الطراز العالمي•:البعد الأول، يتعلق بدور الحكومة والدولة في توفير الموارد الضرورية لهذه الجامعات. أما البعد الثاني فهو دراسة وإعداد الخطوات التي يجب على كل جامعة إتخاذها لتحويل نفسها إلى جامعة عالمية المستوى.
فمن غير المرجح أن تنشأ جامعة بمستوى عالمي بسرعة من دون بيئة مواتية ودعم وطني، خاصة بسبب التكاليف الباهظة في إنشاء مرافق البحوث المتقدمة وتعزيز القدرات العلمية. ولقد أظهرت التجارب الدولية أن هنالك ثلاث استراتيجيات أساسية يمكن إتباعها لإنشاء جامعات عالمية المستوى وهي:
اولاً: يمكن للحكومة النظر في دعم عدد قليل من الجامعات القائمة المميزة وطنياً والتي لديها القدرة على التفوق لتحقيق العالمية.
ثانياً: يمكن للحكومة أن تُشجع عدد من الجامعات القائمة للدمج والتحول إلى جامعة جديدة لديها القدرة للوصول للعالمية.
ثالثاً: يمكن للحكومة أن تنشىء جامعة جديدة من الصفر, تهيء لها الأسباب الإدارية والعلمية والموارد البشرية والبنية التحتية لتحقيق هذا الغرض.وهذا أمر وارد ونحن مقبلون على إنشاء أكثر من جامعة وطنية.