كثيرون من يعتقدون أن عدد ولايات الولايات المتحدة الأمريكية التي يرأسها أمريكي واحد ولا يجرؤ أحد من حكام ولاياتها التابعين سواء الحقيقية أو تلك التابعة أن يقول له ( لا ) بالسياسة الخارجية او الدفاع هي خمسين ، فأكثر هؤلاء أن اعتقدوا ذلك فإنهم واهمون مزيفون للحقيقة ولا يريدون أن يقروا بالواقع المر الذي يفصح وتحت ضوء الشمس وبشهادة التاريخ أن عدد الولايات الأمريكية يزيد عن مئة وخمسين دولة .
وبالحقيقة فإن أكثر نظم ومجموعات ودول العالم هي تابعة بالمطلق لأوامر الإدارات الإمريكية المتعاقبة وبتنفيذ المصلحة القومية الأمركية الكبرى ، سواء أكانت الإدارة الحاكمة من حزب الجمهوريين المعادي بالمطلق للإرادة والحقوق العربية أو الديمقراطي المعادي بشروط وبحدود للعالم العربي وحقوقه ووجوده .
فقد تمكنت كل هذه الإدارات التي تسير على نسق السي آي أيه وخططه وهدى الصهيونية العالمية وحاجاتها من مصادرة قرارات أكثر دول العالم التي باتت رهينة الأوامر الأمريكية وحبيسة حاجاتها الإقتصادية وحاجات شعوبها التي انقسم بسببها إلي نصفين ، قسم يريد القمح والأرز الأمريكي ويرفض المصري وغيره بأي ثمن ، مما يدفع بحكوماته للحضن الإمريكي الذي لا يرحم ، والآخر المعارض الذي تتلمذ بمطابخ المخابرات الأمريكية وبقدرة قادر أصبح الوطني المطالب بالتغيير الموصل للاستعمار الجديد .
فالثورتين التونسية والمصرية ونتيجتهما تثبتان بما لا يدع مجالا للشك أنّ مؤسسة النظام العربية متمثلة بأكثرية النظم العربية ومؤسسة جامعة الدول العربية خاضعة للقرار الأمريكي الرئاسي والأمني ، وحتى لأوامر الأقل منه مستوى ، فقد شهدنا كما التاريخ كيف خاطبت وزيرة الخارجية الأمريكية كل من الرئيسين التونسي والأمريكي بجملة محددة ( عليك الرحيل : الآن now ) ، وبينما نفذ الرئس زين العابدين المدير لولاية تونس الأمريكية القرار الأمريكي وفر من بلاده فورا تنفيذا له ، حاول مقاومته الرئيس المصري السابق لفترة ، لكن سرعان ما نفذه آخرين من حوله وطردوا الرئيس المصري من قصره بعدما أعلنوا اعتزاله الحكم دون الأخذ برأيه ، وكله تنفيذا للقرار الأمريكي الأهم عندهم والأجدر بضرورة تنفيذه .
وبينما نجحت الأدارة الأمريكية عند البعض الرسمي العربي ، هي فشلت بالتأكيد عند آخرين منه تربطهم بشعوبهم علاقات مميزة وواضحة وقوية ، ومن بين من فشلت بمصادرة قراراتهم وإن نجحت بمعاقبتهم لعدم تقديسهم البيت الأبيض وتسبيحهم بحمده ، لا شك من بينهم وبمقدمتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أبو مازن ) الذي قال وبمواقف مصيرية ( لا ) لأمريكا .
فقد قال لأمريكا ( لا ) بمواطن كثيرة أعجبت دائما بنفسها وبقدرتها على التحكم والسيطرة فظنت أنها تقدر عليه كما قدرت على غيره ، وهو عندما أعجب بوطنه وبشعبه وبقدسه ومقدساته وبنظامه السياسي المرتكز على الثورية الشعبية وعلى التلاحم الوطني ، قال وبقوة وعزم وتحدي ( لا ) لأوامرها عندما شعر أنّ الإدارة الأمريكية تتدخل بشؤون شعبه وقواه ، وبمسيرة قضيته ومسار بناء دولته الفلسطينية المستقلة .
لقد قالت له أمريكا ( لا ) ، وقال لها ( لا ) ، قالت له لإشراك حماس بالانتخابات البلدية والتشريعية التي أجريت عام 2004م فقال لها ( لا ) للخضوع لإملاءاتك ونعم لحماس .
قالت له ( لا ) لتشكيل هنية لحكومة الوحدة الوطنية 2006م دون قبوله شروط الرباعية ، مهددة بقطع المساعدات عن السلطة الفلسطينية واعتبارها بؤرة للإرهاب ، وبإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ، فقال لها ( لا ) لرغباتك ، ونعم لهنية رئيسا للوزراء ، ونعم لحكومة حماس ، فنحن جميعا مع الشرعيات العربية والدولية .
قالت له ( لا ) تذهب لمؤتمر القمة العربي الذي انعقد في دمشق تضامنا مع الزعماء العرب اللذين قاطعوها ، فقال لها ( لا ) لأوامرك وإملاءاتك ، ونعم لحضوري مؤتمر القمة العربي اينما عقد ، لأنقل لإشقائي هموم شعبي وحاجاته ومعاناته ومطالبه ومصلحته بتحقيق المصالحة .
قالت له ( لا ) لعرض الإعتداء الإسرائيلي الإرهابي الدموي على غزة على مجلس الأمن ، خوفا من أن تتعرض إسرائيل للمحاكمات الجنائية الدولية ، وحتى لا تحرج مجلس الأمن الذي بات ألعوبة في يدها ، فقال لها ( لا ) لخزعبلاتك ولجنون إسرائيل ، ونعم لحقوق شعبي ، ونعم للقرار 1860 .
قالت له ( لا ) لإعادة التصويت على قرار جولد ستون الذي تآمر الكثيرين لطمس معالمه ومحاولة إلساق ذلك بالسلطة الوطنية الفلسطينية ، فقال لها ( لا ) لمؤامراتك وخططك ، ونعم لإعادة الصويت على القرار ، ونعم للتحقيق الدولي ، ونعم لتقديم مجرمي الحرب اللذين سفكوا دماء أهلنا في غزة إلى الجنائية الدولية .
قالت له ( لا ) لإيقاف المفاوضات المباشرة حتى مع إستمرار الإستيطان الإسرائيلي البشع ، فقال لها ( لا ) لدعمك المجنون لإسرائيل ولإعتداءاتها واستيطانها ، ونعم للمفاوضات ونعم للسلام العادل المشرف ولكن بعد الإيقاف التام للاستيطان الغير شرعي بكافة صوره وأشكاله .
قالت له ( لا ) ، لا تطرح مشروع قرار على مجلس الأمن على اعتبار الاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي عاصمتها القدس غير شرعي وغير قانوني ، مهددة بقطع الاتصالات مع منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية ومع الرئيس محمود عباس ، فقال لها ( لا ) لتهديداتك ، ولا للإستيطان حتى لو استخدمت الفيتو ضد شعبنا وأرضه وحقوقه ، ونعم للأرض نعم للوطن نعم للشعب نعم للقدس .
هذا هو الرئيس العربي الفلسطيني الذي عرى إسرائيل وكسب ود العالم وحضر عمليا لإعلان وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وقال ( لا ) لأمريكا ، في الوقت الذي يتبرع به حاكم قطر المجنون الذي يحاول تدمير الوطن العربي وبمقدمته ليبيا و، وقناة الجزيرة الببغائية ومثلها ليغنوا ويكرروا وينفذوا ( لا ) الأمريكية ضد الحقوق الفلسطينية ، فهم ما كانوا ويبدوا أنهم إن بقوا لن يعرفوا معنى ( لا ) الفلسطينية ، ولن يدعموا نعم الفلسطينية ، لأنهم ما كانوا يوما إلا منفذين لأوامر الصهيونية والإستعمار اللذين لا يقولون ولا يعرفون إلا كلمة لا للشعب الفلسطيني .
وبالتأكيد أنّ كلمة ( لا ) الفلسطينية التي يقولها الرئيس الفلسطيني محمود عباس ( أبو مازن ) ودائما في وقتها المناسب وهدفها مصلحة الشعب الفلسطيني هي أقوى بكثير من ( لا ) الأمريكية ومن ( لا ) الإسرائيلية المعادية لحقوقه ووطنه ودولته .
Alqaisi_jothor2000@yahoo.com