أخبار البلد - يوسف غيشان
أكاد أتخيل الكون بأكمله مثل شوال جميد سقط من فوق ظهر بهيمة أعرابي أهوج فوق جرف ساحق ، فما كان من زعاميط الجميد الا أن توازنت وتجاذبت وتنافرت فتخلقت سحابة كونية من الجميد، تناثرت فيها المجرات والشموس والكواكب، وشرعت تدور حول ذاتها وحول زر الجميد الأكثر كثافة منها .... وكان كوكبنا الأرضي هذا، أحد رؤوس الجميد الذي نشأت الفطريات فوق سطحة نتيجة للرطوبة والهواء، فكانت البشرية..نحن!!
قبل سنتين او ثلاث سنين اصدرت كتابا ساخرا واخترت الجميد عنوانا لكتابي(مواسم التزلج على الجميد) لأن الجميد هو السلطة شبه الوحيدة الفعالة لدينا، فهو يحكم ويرسم في السياسة والإقتصاد والإجتماع ، وفي كامل شؤون الحياة على كامل التراب الوطني .
يتطابش الناس ويسيل الدم وتهدر الأرواح وتنتهك الأعراض، لكن جميع المشاكل تحل على سدر منسف مشرب بالجميد.في الترح وفي الفرح وفي المرح يرافقنا الجميد حاكما أوحدا تنحني قاماتنا وهاماتنا من أجل تصنيع كراته... في عملية تمثيل رمزي لتشكل الكون.
نعم، انه الجميد والمنسف.. إنه ايديولوجيا ..وهو شكل من اشكال الديمقراطية العربية، وهو دائري مثل الديمقراطيات الأوروبية .
سبب استمرار الخلافات العربية العربية ان الزعماء العرب لا يجتمعون على المناسف بل على بوفيهات فخمة، مما يجعل اللقاءات غير مثمرة... وحدها اجتماعات وزراء الداخلية العرب هي التي تنجح، بالتأكيد يجتمعون على مناسف ليأكلوا من لحم شعوبهم، وكل واحد يعزم الزملاء لتذوق طعم لحم شعبه المشكوك على نكاشات الأسنان.
وعلى ذكر المناسف ، فإن الصحافة- هذه السلطة الثالثة والنصف- صارت عندنا ممسحة زفر للحكومات الضعيفة، دون أن تدري هذه الحكومات بأن الدول لا بل الإمبرطوريات يسقطها المذبذبون والمسحجون ويحييها الناقدون!!
وكما كان المستوطنون الأوائل في القارة الأمريكية يستبدلون الخرز الملون من السكان الأصليين بالذهب، كذلك تغرق الحكومات وسائل الإعلام بالخرز حتى يتخلى الإعلاميون عن ذهب الكلام ، وإن لم يقبل الإعلامي بهذه القسمة الضيزى ، فإنها تقيده وتربطة بالقوانين المشوهة الصادرة عن مجالس مشوهة ومزيفة ، والمجلس اللي ما بيعجبك ..خذ غيره.
وتلولحي يا دالية!!.