قرر الفلسطينيون بعد فشل المفاوضات وفقدان ألأمل فى حل سياسى تفاوضى ينهى الإحتلال الإسرائيليى ، ويؤسس لقيام دولة فلسطينية كاملة ، الذهاب إلى ألأمم المتحدة ، ومجلس الأمن صاحب القرارات الملزمة ، والقادر على فرض عقوبات على الدول التى لا تلتزم بقرارته. وقبل الدخول فى تفاصيل دور مجلس ألأمن والقضية الفلسطينية أذكر بأكثر من ملاحظة لعلها تفيد ونحن ذاهبون لمجلس ألأمن نطلب منه إنهاء الإحتلال الإسرائيلى ، وقيام الدولة الفلسطينية . الملاحظة ألأولى أن مجلس ألأمن اصدر العديد من القرارات والبيانات وتبنى مشاريع قرارات كثيرة بالنسبة للقضية الفلسطينية ، ومجمل هذه القرارات والبيانات ان الإحتلال ألإسرائيلى غير شرعى للآراضى الفلسطينية ، ودعا لحق الشعب الفلسطينى فى تقرير مصيره, والملاحظة الثانية والمهمة أن مجلس ألأمن لم يتبنى أى قرار ملزم لإسرائيل، ولم يصدر أى مشروع قرار إستنادا للفصل السادس والسابع اللذان يتيحان فرض عقوبات على إسرائيل، وبالتالى كل قراراته مجرد توصيات ، وليست ملزمة ، والسبب فى ذلك إستخدام الولايات المتحدة ألأمريكية حق الفيتو الذى تجاوز أكثر من أربعين مرة حماية لإسرائيل، والحيلولة دون فرض عقوبات ،ولذلك بقى دور مجلس ألأمن بعيدا عن دوره الحقيقي فى الحفاظ على السلام وألأمن فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية .
وآخر فيتو إستخدمته الولايات المتحدة كان ضد قيام دولة فلسطينية كاملة العضوية فاكتفى الموقف الفلسطينى بدولة مراقب. اليوم يتكرر هذا النموذج، وهذا الخيار بالعودة لمجلس ألأمن ، والإصرار على تقديم مشروع قرار عربى يحمل مجلس ألأمن مسؤولية إنهاء الإحتلال الإسرائيلى ، وتحديد فترة زمنية ، وهو مطلب على اهميته لكنه غير مسبوق فى عرف مجلس ألأمن ، أن يتم تقديم مشروع قرار ويطلب فيه تحديد فترة زمنية قاطعة . الأهم من تقديم القرار الذى يحتاج أولا الحصول على موافقة تسعة أصوات من خمسة عشر صوتا ، وليس بالضرورة ان يكون من بينهم كل أصوات الدول الدائمة ،اى الفيتو فى هذه المرحلة لا يستخدم، قد تكون هذه المرحلة مهمة جدا ، ولكن الفشل فيها يكون أصعب، ومع التسليم بضمان تسعة أصوات ، بعدها يعرض للمناقشة والتصويت ، ، ويشترط موافقة تسعة أصوات من بينها الخمسة الدائمين ، وهو أمر مستبعد كلية مع تأكيد الولايات المتحدة على إستخدام الفيتو، وهو ما يعنى عدم تبنى المشروع مقدما ، والسؤال لماذا إذن التقدم بمشروع القرار ؟ لا يعنى المعرفة المسبقة ان دولة ما ستسخدم الفيتو ان لا تتقدم الدول بمشروعات قرارات تخص السلام وألأمن العالميين ، فهنا لا بد من تحميل مجلس ألأمن مسؤولياته.
وثانيا تسجيل مواقف سياسية ، وتحميل الولايات المتحدة ألأمريكية مسؤوليتها الخاصة بفشل مسار السلام ، وهذا قد يشكل ورقة ضغط عليها ، وبالذات فى زمن التحولات العربية ، وتشكيل تحالفا دوليا لمحاربة داعش، وكل هذه القضايا لها علاقة بالقضية الفلسطينية . وألأمر الآخر فى التقديم هو فقدان الفلسطينيون لخياراتهم فى التفاوض وحتى فى المقاومة ، وبالتالى لا بد من الذهاب إلى الخيار الدولى ، وتحميل ألأمم المتحدة ودولها مسؤولياتهم فى إستمرار القضية الفلسطينية ، وفى إستمرار الإحتلال الإسرائيلى ، وهذا من شأنه ان يعمق من عزلة إسرائيل، ويفتح الطريق امام مزيد من دعم الدول وإعترافها بفلسطين كدولة كاملة .وألأمر لآخر وألأهم ان عدم تبنى مجلس ألأمن لمشروع القرار ان يوسع من خيار الشرعية الدولية ، بتفعيل دور فلسطين فى المنظمات الدولية ، وخصوصا الإنضمام لمعاهدة روما ، وهو ما يعنى فتح معركة جديدة مع إسرائيل، وهذه المعركة ليست معركتها ، ولا تتحكم فى كل أوراقها.
وبالتالى هى معركة خاسرة بالنسبة لإسرائيل. لكنها معركة طويلة وتحتاج إلى صبر سياسى طويل، ودعم من قبل الدول العربية وألإسلامية والصديقة. ومن ألأبعاد المهمة فى هذه المعركة تفعيل خيار قانون الإتحاد من اجل السلام ، والذى بموجبه يمكن لفلسطين والدول العربية المدعومة دوليا تحويل مشروع القرار إلى مجلس ألأمن ، وهنا قد تعقد جلسة طارئة ، وفى حال حصول مشروع القرار على ثلثى ألأصوات وفقا لقانون الإتحاد عندها يمكن التغلب على الفيتو الأمريكى ، ويصبح القرار ملزما ، ويحمل الأمم المتحدة مسؤوليات أكبر. هذه المعركة اى معركة تفعيل دور الأمم المتحدة ، والمسؤولية الدولية تحتاج اولا إلى أرضية فلسطينية صلبة وقوية ، وعمقا عربيا قويا، وتأييدا دوليا فاعلا . لذلك هى المعركة الحقيقية لإنهاء الإحتلال، لكنها لا تعنى فى الوقت ذاته عدم تفعيل الخيارات الفلسطينية ألأخرى ، وبالذات خيار تفعيل المقاومة المدنية السلمية التى من شأنها ان تخلق قوى ضغط كبيرة على المستوى الدولى ، هذا الخيار يحتاج إلى رؤية وخيال سياسيى مبدع، ورؤية إستراتيجية واقعية وتكامل بين كل الخيارات الفلسطينية المتاحة والممكنة .