تنظيم الدولة « داعش « كما تنظيم القاعدة بدأ بالتحول الى فكرة تجد لها أرضيات خصبة في الدول العربية، وحيث يوجد مسلمون ايضا، ولم يعد غريبا وجود داعش في اي مكان غير سورية والعراق. وهذا الحال نفسه بالنسبة للقاعدة التي فجرت اخيرا في اليمن ضد الحوثيين، وهي أساسا ليست مع النظام، والحال يعني ان لكل قاعدة في اي بلد هواها ومنوالها الذي لا يدري عنه ايمن الظواهري او غيره ان في افغانستان او باكستان، وهذا الامر سيكون نفسه بالنسبة لداعش عندما سيظهرون في اي مكان دون التفات لتعليمات من البغدادي او انتظارها، وانما سيحددون اهدافهم لضربها من تلقاء انفسهم.
الارضيات الخصبة لبروز داعش او القاعدة في مناطق جديدة تكون حيثما يمنع الاسلام السياسي، ففي مصر بسبب منع جماعة الاخوان المسلمين من العمل وملاحقتهم ينشط تنظيم انصار بيت المقدس في مواجهة النظام والاستقرار، وهو عمليا اما داعش او قاعدة، والحال نفسه في الجزائر التي فيها تنظيمات سرية لا تكف عن العمل منذ اقصاء عباس مدني. في حين تظل فرصة ظهورهما في المغرب ضعيفة او معدومة بسبب التحالف او التفاهم ما بين النظام والحركة الاسلامية فيه، واتاحة المشاركة لها في الحكم. وذات الامر في تونس التي تحضر لانتخابات ديمقراطية يشارك بها حزب النهضة الاسلامي، وقد اعلن الغنوشي استعداد حزبه للتحالف مع العلمانيين ورموز العهد السابق الذين يخوضون الانتخابات حرصا على امن واستقرار تونس واتاحة الفرصة لبذور الديمقراطية للنمو.
التعامل في مصر مع الاسلاميين لا يختلف من حيث الجوهر مع الاسلاميين في الأردن، اذ ان القطيعة معهم جلية والاقصاء قائم منذ سنوات، وهم اذ يمثلون عصب المعارضة فان مثل هذه المكانة لن تمنع بروز حركات متشددة او نموا للتنظيمات الجهادية او تحولها لقاعدة او داعش. وفي المشهد هنا فإن الذين يتولون زمام المبادرة في ادارة الدولة جلهم من الحرس القديم الذين يريدون الاستمرار في الاستحواذ على السلطة، ويمنعون الحوار مع الحركة الاسلامية ويصورونها امام صاحب القرار على غير ما هي عليه في الواقع، ومثل هؤلاء ليسوا ببعد نظر ليروا جيدا كيف تتكون الارض الخصبة للقاعدة وداعش، ومعنى اقصاء الاسلام السياسي المعتدل وكيف ان إشراكه يوفر صمام الامان كما الحال في تونس والمغرب.