ردّ قانون التقاعد ينبغي ألا يفهم على اساس الشبهة الدستورية بل لطبيعة المبالغة والغلو الذي تضمنه لما منح رواتب تقاعدية بلا اكتراث لمفهوم العدالة والحق، ولكونه خص المشرع نفسه وانحاز له بشكل اكثر من سافر، وهو الذي يفترض به ان يكون الحريص المؤتمن وليس ان يميز نفسه ويعطيها منحا بلا موجبات او ضرورة من موقعه كسلطة، وقد وشى الامر بتغليب المصالح الخاصة على اصول التمثيل النيابي، الامر الذي أثار قطاعات الشعب كافة، ولو انه مرر لكان الحال بدرجة انتكاسة على تاريخ العمل النيابي الاردني.
أما إرساله للمحكمة الدستورية لإبداء الرأي فيه فانه يأتي ضمن حفظ ماء الوجه للمجلس بعد ان تحقق انه خارج اطار المعقول والمنطق، وكذلك جراء موقف النخب السياسية وخبراء القانون الذين كشفوا حجم الانزلاق والعيب والاختلالات اذا ما قيض له ان يصبح نافذا.
وعليه، وإن أتى الاستفتاء الدستوري بعدم الشبهة فإن ذلك لا يعني العودة له وإرساله مجددا للملك، والاصل ان تفهم اسباب الرد على مجملها، والتي منها تحقيق العدالة والحرص على المال العام والظروف الاقتصادية الصعبة وليس الشبهة الدستورية فقط. وعليه ايضا، فإنه كان من الاولى ان يعود القانون للمجلس الذي أقره ليسجمه مع اسباب الرد وليس ابقاء الامل موجودا بأن يكون دستوريا فتنتفي اسباب الرد وتتغير مواقع الحرج.
أما مجمل ما جاء في اسباب رد القانون فإنها كلها موجبة للخجل من الذين اقروه او صمتوا عليه، وهي تكشف مدى البعد عن الواجبات والالتهاء عن المسؤوليات والغياب عن ظروف الدولة وما يجري في المنطقة وطبيعة المخاطر التي تمر بها، وكذلك ضعف البنية التشريعية وقلة الخبرات او انعدامها في حالات كثيرة. والحال على ما هو عليه موجب للاسراع بتصويب وضع السلطات اولا، وتركيبها على ما هي عليه هو الذي قد يكون فيه شبهة دستورية.