هناك توافق عام وشامل على مبدأ الإصلاح، وليس على جوهره وتفاصيله والمدد الزمنية المطلوبة لإحداثه.
واقع الحكومة حول الأمر يشي إلى وجود لفظي تعبيري عن استعدادات لإجراء الإصلاح، وإلى القول بالعمل التدريجي كخيار للإنجاز فيه، وذلك بعيداً عن التفاصيل والتحديدات، وإنما باعتماد العمومية في تناول قانون الانتخابات وباقي القوانين المطروحة على طاولة البحث.
ولو أن موقف الحكومة واضح تماماً من الإصلاح المراد إحداثه، لأعلنت عما تبتغيه وترغب في ترسيمه، أو حتى النقاش حوله، طالما أنها طرف مركزي بالحوار المنتظر. وقد يكون جديراً بها إعلان شفاف حول رؤيتها للإصلاح، وبرنامجها نحوه، وتفاصيل ما تريده من تعديلات على القوانين الناظمة للحياة السياسية، التي هي محل البحث والحوار الموعود ليتسنى لأطراف الحوار الأخرى الاستعداد للتعامل معها.
إن عمومية موقف الحكومة نحو الإصلاح مبعثة للقلق والتشكيك، إذ ليس معروفاً موقفها من جوهر قانون الانتخابات، وفيما إذا كانت متمسكة بالصوت الواحد، أو أنها مع صيغ أخرى. أو فيما إذا كانت ذاهبة للحوار لمناقشة ما سيطرحه الآخرون، على أساس أن قاعدتها ومرجعيتها بالحوار هو قانون الصوت الواحد.
ليس معلوماً فيما إذا كان مجلس النواب سيكون حاضراً في لجنة الحوار، وفيما إذا كان الأمر على أساس اختيار بعض أعضاء فيه، أو ترك المجلس نفسه لاختيارهم.
وفي مجمل الأحوال، فإن الأكيد أن أعضاء مجلس النواب ليسوا على قلب رجل واحد، وإن كل منهم يغني على ليلاه، ما يعني وجود عمومية وضبابية في مواقفهم أكثر من تلك التي عند الحكومة.
الأحزاب والنقابات ومؤسسات مدنية وشعبية أخرى، ومعهم شخصيات وطنية ونخب من شتى المجالات والاختصاصات ذات الصلة، لهم رؤى إصلاحية، كل من موقعه، غير أن هذه الفئات لديها قواسم مشتركة بملامح جوهرية، أهمها رفض الصوت الواحد.
رئيس اللجنة المكلف طاهر المصري، سيجد نفسه في موقع لا يحسد عليه بعيد إطلاق الحوار الوطني حول الإصلاح. إذ إن أطرافه متقابلون أكثر مما هم متفقون على أي أمر.
ينبغي القلق من بروز أزمة حوار إلى جانب أزمة الإصلاح، نصحو ونفيق بعدها على أزمة أخرى في العلاقات الوطنية بين الأطراف المتحاورة.
حقيقة الأمر أن إرادة الملك بإحداث الإصلاح هي الأصل، وتتطلب تعيين لجنة ملكية بالقدر الوطني الموثوق لإعداد وثيقة مسودة، تدير حولها حوار واسع للوصول إلى الصيغة الجامعة، وإقرارها بالاستفتاء الشعبي أو عبر مؤتمر وطني كبير على غرار مؤتمر الميثاق الوطني.