الطلبة هم عماد المستقبل وهم في جميع مراحل التعليم من المرحلة الابتدائية والثانوية والجامعية سيصبحون الرجال الذين يعتمد عليهم الوطن في جميع مجالات الحياة.. فهم عمال المستقبل وعلماؤه وجنوده ومثقفيه وقادته.. ومنهم من عملهم يتكون المستقبل الذي ينتظر الأمة سواء كان مستقبلاً زاهياً واعداً أو مستقبلاً غير ذلك.
ولذلك اعتادت الأمم والشعوب أن تبذل الجهد والمال في سبيل توفير أسباب العلم والتعليم والثقافة والصحة والغذاء والدواء لهؤلاء الطلاب ليكونوا في مستوى المسؤولية التي تنتظرهم. ومن هنا جاءت القوانين التي تلزم الآباء والمسؤولين من الأسر بتعليم أولادهم وبناتهم الزامياً منذ بلوغ السادسة أو فما فوق حتى إكمال المرحلة الابتدائية على الأقل والثانوية أحياناً. وقد سميت ظاهرة عدم تعلم بعض الأطفال بأنها ظاهرة التسرب من التعليم. وهذه الظاهرة تحرص الدول على أن تكون في أدنى الدرجات.
لأن ازدياد التسرب من المدارس يعني وجود جيل من الجهلة وفي هذا المناخ تكثر احتمالات السير السيء والسلوك غير القويم.
وقد رأينا أن الأمم التي استطاعت محو الأمية في بلادها اقتربت من مجتمع الكفاية والرفاهية والعدل وأن الأمم التي زادت فيها نسبة الأمية لا تزال تعتبر من الأمم المتخلفة والفقيرة.. حتى الدول الغنية التي يكثر فيها الأميون لا تستفيد من الغنى حيث تصرف الأموال في غير محلها وتنفق من قبل المسؤولين على أمورهم الشخصية وتوفير الرفاهية لهم؛ لأن الشعوب في تلك الدول متخلفة لا تستطيع محاسبة حكامها. فإذا عدنا إلى واجبات الدولة تجاه الطلبة.. نجد أن من أهمها توفير التعليم المجاني.
وإذا كانت الدولة غير قادرة على ذلك فإنه يحق لها فرض رسوم تتناسب مع قدرة الطلبة ومستوى المعيشة ومستوى الدخل للمواطنين الأكثر عدداً في ذلك البلد. فعندما يكون معدل الراتب للأكثرية الساحقة من المواطنين في حدود 200 دينار مثلاً كما هو الحال في الأردن أو حتى 300 دينار كما ذكر مؤخراً.
فإن مثل هذا المبلغ لا يمكّن رب الأسرة من دفع رسوم عالية لتدريس أبنائه.. وخاصة أننا شعب يحب كثرة الأولاد.. وقلما تجد أسرة لا تنجب أقل من ولدين أو ثلاثة كحد أدنى.
إن زيادة رسوم الجامعات خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه؛ لأن معناه حرمان الألوف ومئات الألوف من الدراسة الجامعية. ولذلك فإننا نطالب المسؤولين بإعادة النظر في قرارات رفع الرسوم المتوالية التي أصبحت فوق طاقة المواطنين.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإننا لا نزال نلمس ما يصدر بين حين وآخر من أنظمة وقرارات تحرم الطلبة من حقوقهم.. مثل انتخاب مجلس الطلبة أو اتحادات الطلبة أو تشديد العقوبات على الطلبة لمنعهم من القيام بأي نشاط سياسي أو اجتماعي أو وطني، فهناك نظام الصوت الواحد في الانتخابات.. وهناك عقوبة على تشكيل مجلس طلبة.. وهناك عقوبة على إصدار أو توزيع أي منشور أو بيان أو نشره.. وهناك عقوبة على التظاهر أو السير في مسيرة داخل الجامعة.
وقد وصلت بعض العقوبات لدرجة الفصل من الجامعة.. رغم أن هذه النشاطات هي نشاطات مشروعة يقوم بها كل طلبة الجامعات في العالم.
إن هذه الأنظمة والقرارات هي إجراءات غير دستورية وغير قانونية.. وهي تتعارض مع أبسط مبادئ الشرعة الدولية وحقوق الإنسان وإن السماح بها أو إبقاءها على هذا الشكل يعتبر خرقاً فاضحاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقيات والمعاهدات الدولية المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية والثقافية التي وافق الأردن عليها.. وتعتبر أحكامها ملزمة له.
ولكن المؤسف أن الأوضاع في الأردن لم تعط لأي جهة سواء كانت قضائية أو تشريعية أو إدارية حق إلغاء الأنظمة والقرارات المخالفة للدستور والقوانين.. وأصبح البلد يعيش في أوضاع عرفية وأحكام طوارئ قمعية لا فكاك منها إلا بتراجع الدولة نفسها عن الأنظمة والقرارات المخالفة للقانون.. وهذا وضع غير ديمقراطي وغير صحيح نحذر من استمراره وندعو المسؤولين لإعادة النظر في هذه الأنظمة والقرارات حرصاً على المصلحة العامة ومصلحة الوطن والمواطنين.