رحمك الله «أبا محمد».
رحمك الله أيها الرائد والفارس والمعلم المُجلي ذوقان الهنداوي، مرت ذكرى رحيلك التاسعة وحركت كل المواجع والذكريات والمواقف الفروسية والحكايات التي لا تنسى.
عرفته عن قرب في مكتب الصديق حسين مجلي، وتعمقت علاقتنا ونمت مع الايام وهنا أتذكر سلسلة من المواقف التي لا تنسى، في سجل حياته العامر بالكفاح والعطاء الموصول في المواقع التي أشغلها وزيرا للتربية ورئيسا للديوان الملكي ونائبا لرئيس الوزراء وعضوا في مجلس الامة بشقية الاعيان والنواب.
ذات مساء اتصلت به على هاتف المنزل وكان يشغل موقع وزير التربية، ونقلت حكاية ابنة جارة عزيزة ،كفيفة، لكنها تمتلك من الرؤية الثاقبة والحنان الدافئ والعطاء المتميز، وكانت تعاملني مثل ابنها وشاءت الاقدار أن تحتاج
الى خدمة من وزارة التربية، وكنت أعرف أن هذه الخدمة صعبة، فقد كان زوج ابنتها معلم لغة انجليزية ، في زمن كانت فيه التخصصات المتاحة نادرة ونظرا لظروف الحياة رغبت الاسرة في السفر للسعودية للعمل على
أمل تحسين الاوضاع ولم توافق الجهات المختصة في الوزراة نظرا للحاجة للتخصص.
وحين اتصلت بالصديق ذوقان في ذلك المساء لم يتردد طويلا قال لي :أخ جمال ابعثه غدا صباحا لمكتبي حاملا معه طلبا جديدا للاستقالة .
وفي اليوم التالي وافق الوزير على طلب الشاب وشعرت أن الدنيا لا تسعني من الفرح الغامر ،وشكرت الله الذي قيض معالي ذوقان الهندواي وزيرا للتربية وقتئذ ليستجيب للطلب الصعب مقدرا ظروف الناس وصعوبة الحياة .
مواقف ومواقف لا تعد ولا تحصى هناك منها الخاص ومنها العام سطرها الفارس ذوقان الهنداوي تجعله حاضرا في الذاكرة والحياة العامة، وذات ليلة عندما كنا نهتم بالسبق الصحفي الاخباري أعلمني الزميل أبو شاكر
وكان رئيسي المباشر في قسم المندوبين، أن الموازنة العامة للدولة قد تعذر علينا في الجريدة الحصول عليها من الزملاء المعنيين وطلب مني أن أبذل جهدا خاصا للحصول عليها حتى لا تتعرض الجريدة في اليوم التالي لضربة مهنية.
احترت سألت عن الكثير من المصادر وضاقت السبل نظرا لتأخر الوقت ،ولكن في الليلة الظلماء يفتقد البدر، عندها خابرت الصديق الغالي رحمه الله ذوقان وشرحت له الموقف الذي نحن فيه وطلب مني الاتصال بعد ربع ساعة وخلال أقل من ساعة كنت على باب بيته وعلمت حينها أنه أرسل سائقه الى الوزارة ليلا ليفتح مكتبه بالوزارة ويحضر الموازنة لي وانطلقت بها فورا
الى دار الدستور مفعما بنشوى النجاح .
الكثير من الحكايات في حياة فارس التربية والكلمة الشجاعة والنبيلة ذوقان الهنداوي تحتاج الى الاضاءة عليها واليها وأتمنى أن تجد من يسطر قصة حياته وسفره الوطني في زمن تذوب فيه الرموز والشخصيات ويتساقط فيه الرجال الرجال ...
رحمك الله معالي العزيز ذوقان فذكراك لا تزال حية وشمسك لا تغيب وتبقى فينا سفرا حاضرا لا يغيب ...!
alawy766@yahoo.com