الأرقام التي قدمها د. هايل عبيدات لحصيلة الرقابة على الغذاء والدواء يوم أول رمضان، أرقام مهولة.. ونرجو «فاردات» التظاهر الأسبوعي المطالبة بالقضاء على الفساد، أن تسمي لنا وجود عشرين طناً من الأغذية الفاسدة في يوم واحد.. هل هذا فساد أخلاقي وجرمي بحق المواطن أم لا؟!.
أم أن الفساد هو صفة حكومية ولا علاقة له بالذين يبيعون دواءً وغذاءً فاسدين، والذين «يبلون ريق» الصائم بمشروبات فاسدة؟!.
يقول د. عبيدات:
- اغلقت مؤسسة الرقابة 13 مؤسسة غذائية أول أيام رمضان. وشمّعت بالأحمر 11 ملحمة ومحال بيع مجمدات وسط عمان.
- اتلف العاملون في المؤسسة 20 طناً من المواد الغذائية خلال 232 جولة تفتيش.
- أغلقت المؤسسة خطوط بيع وإنتاج في بعض المولات الكبيرة لمخالفتها شروط السلامة الغذائية.
- انذرت 90 مؤسسة غذائية وملحمة ومحال تصنيع الحلويات، واتلفت كميات كبيرة من العصائر والأغذية التي تعرض على البسطات.
هذه الصورة المخزية لأخلاق الناس في بلدنا، يقمعها رجال مؤسسة الغذاء والدواء وبقية دوائر الرقابة المتعددة، لكن ذلك يتكرر كل يوم. ومعنى ذلك أن العقوبة ليست رادعة، لأن غش غذاء ودواء الناس يتزايد ولا ينقص!!.
أيام الطفولة شهدنا في احدى سفراتنا إلى عمان حالة بقيت محفورة في الذاكرة لرجل يرافقه شرطي.. وعلى رأسه «كرشة ومصارين» خروف وجلده وقوائمه. وحين سألنا كبار السفرة عن هذا المسكين الذي يحمل كل هذه القذارات على رأسه قيل لنا: يبدو أنه سرق الخروف، وهذا عقاب له.. والأهم هو تحذير الناس منه كلص أغنام!!.
ترى هل نلجأ لعقوبة وحزم الأربعينيات فنعلق في عنق تجار الأغذية الفاسدة دجاجاً أو أكتاف خراف نيوزلندية مجمدة عليها خاتم اللحم البلدي؟؟.
أغلب الظن أن جماعة حقوق الإنسان لو كانت في الأربعينيات من القرن الماضي، لكانت شهّرت بالأمن، وبالقمع الذي يمارسه الأمن الأردني، ولتطوعت إذاعة لندن، وفضائيات الجزيرة والعربية والحدث في إذاعته كل ساعة خمس مرات!!. لكن جماعة حقوق الإنسان هذه تضع في آذانها طينا وعجينا لحق الناس في غذاء ودواء صالح للاستهلاك، ولا يهمها أن يذهب الآلاف إلى المستشفيات .. طالما أن كل شيء يتم «على السكيت»!!.
نحتاج إلى قاموس جديد يُعرّف الفساد والفاسدين، ويعيد لهذا الهياج في عداء الدولة إلى حدوده الطبيعية، ويذكّر «فاردات» الأحزاب كل يوم جمعة أن هناك فساداً كثيراً في ضمائر الناس. وأن تظاهراتهم كل يوم جمعة تستر على هذا النوع من الفساد. فلا تريد أن تراه كما هو، ولا تريد أن تقول لمئات الشباب الذين يراقبون الأسواق في هذا الحر، وفي عزّ الصيام: كلمة شكر واحدة!!.