أخبار البلد - باتر محمد وردم
في الولايات المتحدة توجد ممارسات إدارية "غريبة” لا تتشابه مع الثقافة الإدارية في الأردن ومن الصعب علينا أن نفهمها أحيانا. على سبيل المثال عندما يتم ترشيح شخص ما لمنصب سياسي وإداري رفيع المستوى يطلب من هذا الشخص أن يقدم شهادة في مجلس الشيوخ أو النواب يعرض فيها رؤيته لطريقة أدائه للمهام المطلوبة منه وما هي الإنجازات التي يطمح بتحقيقها والأولويات التي يفكر بها. هذا ينطبق على منظومة كبيرة من المسؤولين وبخاصة في وزارة الخارجية بدءا من وزير الخارجية نفسه أو السفراء. تخيلوا أن التعيين لا يتم بناء على عدد الواسطات والمكالمات الهاتفية من الوجهاء والسياسيين التي تدعم اختيار الشخص المقصود.
قبل يومين قامت السفيرة الأميركية الجديدة المرشحة في الأردن السيدة أليس ويلز بعرض شهادتها حول تصورها لعملها في الأردن أمام مجلس الشيوخ. شهادة السفيرة الموجودة على الإنترنت بشكل مفتوح (كما قلنا عادات غريبة من الشفافية) تتضمن أربعة محاور أساسية تقترحها لأولويات عملها في الأردن وهي مفيدة للإطلاع على طريقة تفكير السفيرة اليت ستقود الدبلوماسية الأميركية في الأردن خلال السنوات الأربعة القادمة.
تؤكد السفيرة عدة مرات في شهادتها على أهمية الأردن حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة وضرورة تقديم الدعم له خاصة في موضوع استيعاب اللاجئين السوريين والذي مثل المحور الأول. تلاحظ السفيرة بذكاء أنه بالرغم من أن التركيز الإعلامي ينصب على أحوال اللاجئين السوريين في مخيمات الزعتري وغيرها فإن 85% من اللاجئين السوريين يعيشون داخل المدن والقرى الأردنية وبالتالي يؤثرون على الاقتصاد الأردني بشكل عام ولكن التأثير الأهم هو على الخدمات العامة مثل المدارس والمراكز الصحية والخدمات البلدية.
المحور الثاني الذي ركزت عليه السفيرة هو مواجهة تدفق محتمل للتنظيمات التكفيرية الجهادية من سوريا ومحافظة الأنبار في العراق وتعزز وجود تنظيم القاعدة فيها. في هذا السياق تطالب السفيرة بتعزيز التعاون الأمني ودعم الأردن بالاسلحة والمعدات المناسبة ودعم صورة الأردن كدولة مسلمة ذات تصور حديث وسلمي ويلاحظ أنها ركزت في شهادتها على "رسالة عمان” كخطاب مناسب للتعايش الديني.
المحور الثالث في شهادة السفيرة كان يتعلق بجهود الإصلاح في الأردن والتي حظيت بتقييم ايجابي من قبل السفيرة ولكنها اشارت بأنها ستقوم "بمساعدة الأردن على التنفيذ الكامل للإصلاحات المقترحة في البلاد وتقوية العلاقة ما بين الإصلاح الاقتصادي والسياسي. في مجال السياسات الاقتصادية تشير السفيرة إلى ضرورة دعم برنامج تخفيف الإعانات المالية لقطاع الطاقة والتي من شأنها -حسب قول السفيرة- أن تساهم في توفير بلايين الدنانير للخزينة بحلول العام 2017.
المحور الرابع والأخير في شهادة السفيرة يركز على دعم الأردن كشريك اساسي في الوصول إلى اتفاقية سلام نهائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. في هذا الصدد أشارت السفيرة إلى وجود دور ومصالح اساسية للأردن يجب حمايتها في اي اتفاق للحل النهائي.
ربما تكون الشهادة عمومية وتعتمد على معلومات دقيقة تحملها السفيرة عن الأردن ولكنها تعكس استمرارية للموقف الأميركي في سياساتها تجاه الأردن إضافة إلى النمط المثير للاهتمام في كيفية اختيار المسؤولين. هذه الشهادة هي التي سوف تحدد مسار وعمل السفيرة في الأردن وليس الاتصالات والواسطات من وجهاء عائلة ويلز مع وزير الخارجية أو الرئيس الأميركي لضمان حصول السفيرة على المنصب!