عصام قضماني
تكاد تكون البنوك الأردنية الناجي الوحيد من براثن الأزمة المالية العالمية , , فكيف نجت؟
صحيح أن للبنك المركزي دورا كبيرا في الوصول الى هذه النتيجة لكن بالتأكيد هناك أسباب أخرى لا تقل أهمية.
من الاسباب أن البنوك استطاعت التكيف مع تداعيات الأزمة , فلم تتأثر كثيرا بانهيار شركات كانت حصلت على قروض تعثرت لاحقا , فالضمانات التي حصلت عليها كانت كافية لتقليل حجم التعرض , فمثلا مولت بعض البنوك الاكتتابات التي حصلت بالجملة في شركات الطرح الأولي , فاستردت المال قبل أن يتحول الى مال ساخن في البورصة.
عوضت البنوك نافذة التسهيلات للأفراد والشركات التي أغلقت بسبب الأزمة باقراض الحكومة بدرجة كبيرة من الأمان وبأسعار فائدة مريحة بذات الوقت , فلم تجد صعوبة في تحريك الودائع المكلفة والتي لجأت اليها بفضل تراجع سوقي الأسهم والعقار.
صحيح أن البنوك إستطاعت بفضل تشدد البنك المركزي خلال الأزمة وبعدها بقليل تخفيض نسبة الديون المتعثرة من 8.6% العام 2012 إلى 7.4% العام 2013 وهي بانخفاض , لكن الصحيح أيضا أن التعثر لم يكن كبيرا , فالبنوك كانت حريصة على إسناد هذه القروض بأصول قابلة للتسييل , وبضمانات وفرت حماية لخطوط الوفاء بالدين , فمثلا في تمويلها لاكتتابات الأفراد في أسهم الطرح الأولي وهو ربما كان الأخطر , كانت استردت جزءا كبيرا من التسهيلات قبل تعمق الأزمة , وقبل أن تنفجر فقاعة الأسهم ..
كما أن البنوك لم تدخل باستثمارات خطرة، أو أدوات مسمومة , وتعاملت بذكاء مع سوق الطرح الأولي دون أية مخاطر بدليل أن مخصصات التسهيلات المتعثرة لم يكن لها أي أثر على الربحية ودليل ذلك أن معظم البنوك سترفع رساميلها هذا العام.
ولا تزال البنوك المستحوذ الأكبر على المدخرات , في ظل استمرار ضعف سوق رأس المال , بينما يحقق لها الهامش المريح بين سعري فائدة الاقراض والايداع ارباحا مناسبة.
.خسائر سوق رأس المال لم تتبخر فمن نحو 48 مليار دينار قبل الأزمة المالية العالمية عام 2008 الى 19 مليار دينار بأسعار اليوم , بفارق 29 مليار دينار. هي موجودة في جزء كبير منها في بند الودائع.
بقي أن استمرار تحسن سوق الأسهم سيعني بالضرورة تحريك الودائع الكبيرة نحو نافذة استثمارية جديدة , لكن حتى اللحظة إرتفاع مؤشر بورصة عمان بنحو 7ر5 % منذ بداية العام الحالي لا يفي بالغرض.
ليس ممكنا أن يتحسن السوق فعليا الا إن أسبغت عليه نعمة المؤسسية في توظيف المدخرات التي سحبتها البنوك بالدرجة الأولى والعقار ثانيا، فلا يزال السوق غير جاذب مقارنة بعوائد الودائع على قلتها. .
qadmaniisam@yahoo.com