أخبار البلد - فايز شبيكات الدعجه
لا وساطة بين الدولة وأبنائها يا معالي وزير الداخلية ،وظاهرة الجاهات التي تقاطرت الى معان في الأحداث الأخيرة كانت بدعة مستحدثة لا عهد لنا بمثلها من قبل . ظهور غرباء في المدينة والادعاء بقدرتهم على تقديم المواعظ لوجهائها وحل الخلاف مع الحكومة ،والتظاهر بوضع النقاط على الحروف كل هذا عيب واصطياد مكشوف في الماء العكر ،وفية انتقاص من كرامة زعماء معان وهيبة الدولة على حد سواء، وهو في الحقيقة لا يعني الا شيئا واحدا فقط ،وهو الاعتراف بدخول مرحلة تفكك الدولة وزوالها من المدينة ،والبدء بإجراءات تصفية سلطتها هناك.
النقاط مثبتة وواضحة على حروف مشكلة معان، وتناقلتها وسائل الإعلام العالمية ،وأصبحت معروفة ليس للحكومة والدولة والأردنيين وحسب، بل وللعرب والعجم أيضا ،لكن فوضى الأزمات لها في العادة أثارها الجانبية الضارة، وتدفع ببعض الشخصيات المهجورة للاستثمار في الشر للتذكير بالنفس وتصدر واجهة الأحداث ،وهذا الذي حدث بالفعل، فقد ضمت الجاهات شخصيات غير مريحة على الإطلاق ،إما لفشلها سابقا في إدارة مناصبها الرسمية واندثرت ، وإما ممن عزلهم المجتمع وأصبحت سمعتهم الوطنية زي الزفت ،وقرروا التسلل من ثغرة الفوضى لنفض الغبار عن شخصياتهم في ظلام ميمعة معان .
رجالات معان وكبارها يفيضون بالمواعظ ويصدّرون الحكمة ،وليسوا بحاجة لمن يتلوا عليهم لوائح النصح والإرشاد ، وباب الحوار لا زال مفتوحا بينهم وبين أجهزة الحكومة ومؤسساتها المختصة ،وكل وما سمعناه من الجاهات عبارة عن ثرثرة ولغو ،ويقع في باب الجدل العقيم ،ولن يؤدي بكل تأكيد إلى نبذ العنف ،وكان القصد منه إعادة إظهار الذات، وليس المساعي الحميدة حسب ما كانوا يزعمون.
استقبال وجهاء معان لأولئك الأشخاص جاء من باب المجاملة والحياء ،وبحكم عادتهم بعدم رد الضيوف ،لكنهم بكل تأكيد لا يسمعون دعائهم، ولو سمعوا ما استجابوا لهم، لأنهم سلموا مطالبهم مباشرة لوزير الداخلية قبل وصول هؤلاء ، ومعاليه خير من يعرف النشأة الأولى للمشكلة ،وقد وضعها أمام الجهات الرسمية لحل ألازمة بشكل نهائي، للسير عليها وإيجاد الحلول لإنهاء الحوادث المتتالية ،ولهذا فشلت مبكرا بدعة وصاية الدخلاء على المعانية ومحاولة تمثيلهم لدى الحكومة .
سيبونا من ألحكي ألفاضي فالجاهات تجري في العادة لحل الخلافات المجتمعية وفض النزاعات بين الناس اما استخدامها بين الحكومة وبين الناس فتلك سابقة خطرة يجب ألا يفتح المجال لتكرارها مستقبلا.
على أي حال لا تزال مشكلة معان حية في مرقدها وبكامل حجمها ،رغم اختفاءها الظاهري المعتاد ،وهي ليست ربيعية بطبيعة الحال، وقد تفجرت ستة مرات انفجارات عميقة وسريعة على مدى ربع قرن يبدو معها اعتقاد البعض بقدرتهم على حلها اعتقاد ساذج وضرب من المحال .