ليست المرة الاولى التي يهدد فيها نائب في البرلمان بالاستقالة، فهذه الثالثة او الرابعة التي يعلن فيها ممثل للشعب الاردني نيته او تهديده او رغبته في الاستقالة.
طبعًا القضية ليست مهمة، ولا تغير شيئًا، ان استقال عضو او عضوان، او تم حل المجلس كاملًا، هكذا يقول الاردنيون ومن دون استطلاع رأي احد.
نائب يهدد بالاستقالة لانه لم يأخذ حقه في الكلام، وان ادارة جلسة المجلس تتجاهله، وآخر يهدد بالاستقالة إن لم يتم حجب الثقة عن الحكومة، وآخر يحلف بالطلاق، انه لن يعود الى المجلس اذا لم يتم تحقيق مطالبه، وآخر يحمل بلالين ويدخل تحت قبة المجلس.
ونواب كثيرون يحملون يافطات وشعارات مثل المتظاهرين في الشارع ليعبروا عن وجهة نظرهم ويلفتوا انظار المصورين لهم، وآخر يدخل تحت القبة ملثمًا، ونواب يستعينون بالكمامات حتى تعرف الحكومة انهم محتجون على سوء الاوضاع في منطقة بعمان الشرقية، وآخرون يتركون جلسات البرلمان ويذهبون الى معتصمين امام المجلس لمشاركتهم في الاعتصام والحصول على صور بين المعتصمين، وأمس تمت اعادة عضوية من كان سيكون شهيدا تحت القبة في "غزوة الكلاشنكوف".
يعرف النواب جميعهم ان التهديد بالاستقالة هو استعراض مستهلك، لانه قانونيا لا تقبل الاستقالة الا بموافقة المجلس، وطيلة عمر المجالس النيابية لم توافق على استقالة اي عضو، ويعرف النواب ان اي تهديد بالاستقالة يتم تجاوزه بجاهة تضم عددا من النواب، وعلى فنجان قهوة، واذا تطورت الامور اكثر فعلى وجبة مناسف دسمة.
بدلًا من ان يهدد النواب بالاستقالة، عليهم ان يقدموا حلولًا للمشكلات التي تهم اغلبية المواطنين، وهي كثيرة، وليس النواب بغائبين عنها، وعليهم ان يجتهدوا في انجاز قوانين عصرية متقدمة، وأن يمارسوا الرقابة الفعلية على عمل السلطة التشريعية، بدلًا من الالتهاء بمذكرات عدمية، وأسئلة نفعية، لا تفيد البلاد والعباد بشيء.
ليعترف النواب انفسهم انهم كانوا السبب في حالة الاحباط والتشاؤم التي وقعت في قلوب المواطنين تجاه العمل البرلماني، والصعود على رأس الشجرة في الاسابيع الماضية والهبوط انتحاريا كان وقعه كالصدمة على المواطنين.
لقد سمعتها من نواب ذاتهم، انهم يشعرون بالخجل من الذهاب الى مجلس النواب بعد الجلسة التي منحت ثقة ثالثة للحكومة من دون ان يكون لذلك سبب.
بعد كل ذلك لا يزال هناك نواب يستعرضون ويهددون بالاستقالة، فهل يتوهمون ان الناس سوف يخرجون الى الشوارع لمطالبتهم بالعدول عنها؟.
استقيلوا واريحونا، وأريحوا الحياة البرلمانية التي تدفع من رصيدها بسبب هبوط مستوى الاداء البرلماني هذه الايام.