لماذا نحتفل بالمولد النبوي

لماذا نحتفل بالمولد النبوي
أخبار البلد -   أخبار البلد-
 
ها هو شهر مولد الهادي البشير قد طلع قمره من جديد، وأشرقت أنواره على قلوب المحبين التي نشأت في ظلال الطاعة والعبادة والإيمان، في مثل هذا الوقت من كل عام تنار مساجدنا وبيوتنا وبلادنا بالاحتفال بمولد سيد البشر صلى الله عليه وسلم، بل وتبتهج قلوبنا وأرواحنا وعقولنا شوقاً وفرحاً بمولده صلى الله عليه وسلم، فمولده ليس كأي مناسبة، وليس هو مجرد حدث عابر في مجرى التاريخ، بل هو مولد أمة توحدت بعد فرقة، وتآخت بعد عداوة، وعدل أُقيم في الأرض بعد ظلم وجور، ونزول رحمة على العالمين بعد أن طغت القسوة وعمت في قلوب الناس، وإشراق نور عمّ الأرض بعد أن خيم عليها الظلام، (وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آل عمران: 103.

في ذكرى ميلاد نبينا صلى الله عليه وسلم، تحتفل القلوب فرحاً بالإشراقة النبوية والرحمة المحمدية التي أنارت ظلمات الجاهلية، فأضاءت الأكوان من نوره، كيف لا تحتفل قلوبنا وقد احتفلت به نجوم السماء فزادت لمعاناً، وتهاوت عروش كسرى، وأطفئت نار المجوس الجاهلية، واستبشرت الدنيا بخير قادم بعد أن غرقت في ظلمات العبادات الشركية، والعقائد الإلحادية والكفرية (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا، وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا) الأحزاب: 45-47.

هو صلى الله عليه وسلم ملاذنا في كربتنا وضيقنا، وأماننا من هموم الدنيا وشقائها، به نتوسل إلى الله تعالى ليرحمنا حين تحجبنا عن القبول أعمالنا، به يكشف الله تعالى الغمّة، وتعلو بذكره الهِمّة، نحتفل به لأنه الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، ووسيلة النجاة، (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) الأنبياء: 107، فالإنس والجن والعوالم كلها، مرحومون به صلى الله عليه وسلم، (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) الأنفال: 33.

الـروحُ وَالـمَـلَأُ الـمَلائِكُ حَولَهُ لِـلـديـنِ وَالـدُنـيـا بِهِ بُشَراءُ

وَالـعَـرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي وَالـمُـنـتَـهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ

به صلى الله عليه وسلم تُغفر ذنوبنا وتكشف همومنا وتقضى ديوننا، وقد عرف الصحابة حقه وقدره فقال أحدهم: أجعل لك صلاتي كلها، فكانت له البشارة الخالصة من الله ورسوله: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ) سنن الترمذي.

نحتفل بنبينا صلى الله عليه وسلم، لأننا به أصبحنا أمة عالية بعد أن كنا عالة، أصبحنا أعزة بعد أن كنا أذلة، به نهضنا عن الثرى لنبلغ هامات الثريا، فقامت أمة بموازين الحق والعدل والقسط بين الناس، واهتدينا بسنته إلى أحسن الأقوال وأطيب الأعمال، فعرفنا ربنا، وأقمنا ديننا، ونشرنا عبق المحبة بيننا، وأنزل الله معه القرآن كتاب هداية ونور وفرقان، يخرج به الناس من الظلمات إلى النور، (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) الأعراف: 157، هو قائدنا والشاهد على إيماننا، واتباعنا، ومحبتنا له عند ربنا (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا) النساء: 41.

نحتفل بنبينا صلى الله عليه وسلم لأن الأكوان كلها تحتفل به وبمقدمه وبالنور الذي بين يديه حين نزل عليه أمين الملائكة في غار حراء، ودعاه ربنا إكراماً له في ليلة الإسراء، فصلى في المسجد الأقصى إماماً بالأنبياء، ثم عرج إلى السموات العُلا فاستقبلته الملائكة بأبهى لقاء، (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى . أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى . وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى . عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى . عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى . إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى . مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى . لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) النجم: 11 - 18.

نحتفل به صلى الله عليه وسلم لأنه من أول ما نُسأل عنه في قبورنا، وأول ما نلجأ إليه عند نشورنا، وهو الذي نُحشر على قدمه، ونستغيث به في يوم الموقف العظيم، حين تنقطع الآمال، وتنشر الأعمال، (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ)، يوم تخشع الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا، يناديه ربنا عز وجل: (يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ)، حين يقول كل نبي "نفسي نفسي"، ويهتف نبينا صلى الله عليه وسلم، "أُمتي أمتي".

هو الحبيب الذي تُرجى شفاعته... في كل هول من الأهوال مقتحم

وإذا دخلنا الجنة كانت أبهى صورة للاحتفال بنبينا صلى الله عليه وسلم، وأي درجة أعلا و أغلا من مرافقة نبينا صلى الله عليه وسلم، وهو غاية الصحابة ودعاء الصديقين، وأمنية جميع المسلمين، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (يحشر المرء مع من أحب)، سائلين الله تعالى أن يجمعنا بنبينا على الحوض وأن نشرب من يده شربة لا نظمأ بعدها أبداً، نكون وجميع المسلمين برفقته في جنة عرضها السموات والأرض.

والحمد لله رب العالمين
* سماحة المفتي العام للمملكة الأردنية الهاشيمة


شريط الأخبار إنتهاء أعمال انتشال جثامين شهداء من مقابر جماعية بمجمع ناصر الطبي زلزال بقوة 6,1 درجات في تايوان 10 إصابات إثر حادث تصادم بين مركبتين في جرش الكرك: وفاة "خمسيني" بعيار ناري أصابه بالخطأ بيان صادر عن حركة حماس مساء الجمعة انخفاض الرقم القياسي للأسهم في بورصة عمان شاهد بالفيدو .. اللحظات الأولى لانقلاب مركبة المتطرف بن غفير اصابة بن غفير بجراح جراء انقلاب مركبته اثناء توجهه الى عملية الطعن في الرملة الهيئة العامة لنقابة الصحفيين تقرر حفظ ملف لجنة التحقق بالتامين الصحي إصابة مستوطنة في عملية طعن بالرملة جرش .. مطالب بتنفيذ الإجراءات اللازمة لمكافحة آفة جدري العنب مسيرات في عمان والمحافظات للتنديد بالعدوان الغاشم على قطاع غزة مصر.. جديد واقعة طفل شبرا منزوع الأحشاء 45 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى أمطار رعدية في طريقها إلى المملكة تحذير من مديرية الأمن العام للأردنيين بعد الولادة المعجزة.. وفاة رضيعة غزة التي خرجت من جثمان أمها فتح باب الاعتماد للمراقبين المحليين للانتخابات النيابية وفيات الجمعة 26/ 4/ 2024 جيش الاحتلال ينسف مربعات سكنية في بلدة المغراقة وسط قطاع غزة