لا يمكن انكار انجاز الحكومة المالي في 2013 عندما انخفض الانفاق الجاري للخزينة لأول مرة منذ سنوات.
هذا الانخفاض ايجابي من حيث أنه يعكس رقابة حكومية على الانفاق، و يوفر للحكومة هامشا أوسع للمناورة مع صندوق النقد الدولي و مطالباته التقشفية.
بيد أن من المهم أيضا تذكر العوامل الاستثنائية التي تسببت في هذا الانخفاض و صولا الى النقد البناء القائم على سؤال رئيسي مفاده: هل كان بالإمكان أفضل مما كان؟
تحليل الانخفاض في الانفاق الجاري للحكومة بواقع 150 مليون دينار في 2013 يشير الى كونه نتيجة لانخفاض فاتورة دعم المحروقات ب 500 مليون دينار، و ارتفاع النفقات الجارية الأخرى ب 350 مليون دينار.
الطرح السابق يؤكد بأن جزءا من الوفر المزمع لقرار رفع الدعم عن المحروقات تآكل نتيجة الارتفاع الذي طرأ على بنود أخرى من الانفاق الجاري نتيجة ارتفاع خدمة الدين العام وضغط اللاجئين السوريين.
كما أن الاستنتاج ذاته يشير الى أن الحكومة حولت جزءا من انفاقها الرأسمالي المفترض تمويله من وفر رفع الدعم الى انفاق جاري متكرر يصعب التراجع عنه في السنوات القادمة.
ملاحظة أخرى مهمة أن انخفاض الانفاق الجاري ب 150 مليون دينار ترافق مع انخفاض في مبلغ الدعم النقدي المنفق للمستحقين بحوالي 100 مليون دينار مقابل ما كان مرصودا في الموازنة.
و بمعنى أن جزءا من الانخفاض جاء على حساب مستحقي الدعم ممن تتدنى دخولهم و يرتفع ميلهم الحدي نحو الاستهلاك و بالتالي دفع عجلة النمو.
الحكومة لن تعجز عن الرد على الانتقادات السابقة، خصوصا عند الأخذ بالاعتبار بأن ارتفاع بعض بنود الانفاق الجاري خارج عن ارادتها مثل فوائد الدين و تداعيات الوضع الاقليمي في سورية.
كما أن للحكومة أن ترد أيضا بتوضيح ما كانت ستؤول اليه أوضاع الخزينة و أرقام المالية العامة لو أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية لم يكن.
بيد أن العبرة تبقى بضرورة ترتيب أولويات تخفيض الانفاق، و التجهز للسنوات القادمة التي لن يتكرر فيها حدث استثنائي مثل رفع الدعم عن المحروقات في نهاية 2012.
كذلك، يمكن للحكومة البحث عما يعزز ايراداتها نتيجة اللجوء السوري مثل الاقتراح على المانحين شراء المساعدات العينية المقدمة للاجئين السوريين من خلال الصناعات الوطنية.