نظام الخدمة المدنية والتوظيف بموجب العقود

نظام الخدمة المدنية والتوظيف بموجب العقود
أخبار البلد -  

من المتعارف عليه في عِـلم الإدارة، أن رأس الهرم في أي مؤسسة، خاصة كانت أم عامة، هو المسؤول عن تحقيق الأهداف الموضوعة من خلال ممارسته للوظائف الادارية المطلوب تنفيذها، وقيامه باستغلال الموارد المتاحة الإستغلال الأمثل. وبالتالي، فإنه هو المسؤول الأول والأخير عن أداء مؤسسته قبل أن يكون الموظف مسؤولا عن ذلك. ولهذا، فإن وزارة تطوير القطاع العام لم تكن موفقة حين تدخلت في تعديل نظام الخدمة المدنية - الذي قالت عنه إنه نظام جديد وفي حقيقته هو نظام معدل للنظام الذي كان معمولا به سابقا - ولم تستمع لآراء المعنيين ولا حتى أعضاء مجلس الخدمة المدنية، وفرضت تضمين النظام المادة التي تنص على الغاء الوظائف الدائمة ليصبح التعيين بموجب عقود، وبشكل يصبح معه أداء الموظف المعيار الذي يتم على أساسه تجديد العقد أو عدم تجديده. وهنا يجدر تسجيل الملاحظات التالية على هذه المادة: 

1- من المعروف لدى جميع المطلعين أنه في مختلف دول العالم هناك ما يعرف بموظفي الخدمة المدنية وهم الموظفون الدائمون، ويقابلهم وجود مجموعة أخرى من الموظفين العاملين بنظام العقود الذين يتم التعاقد معهم لتنفيذ مهام معينة لفترات زمنية محددة، يتم بعدها الاستغناء عن خدماتهم. وهذا هو مفهموم التوظيف بموجب العقد، أي لفترة زمنية معينة. أما أن يتم تطبيق مفهوم التوظيف بموجب عقود على موظف خدمة مدنية سيقضي ما لايقل عن عشرين عاما في وظيفة حكومية، وحسب معرفتي المتواضعة، فإن هذا الأمر هو ابتكار واختراع اردني بحت. وبناء على هذه البدعة، من المتوقع أن يصبح جميع العاملين في القطاع الحكومي الاردني بعد عشرين سنة من الآن موظفين بموجب عقود، وهو ما يتنافى مع مفهوم الوظيفة الحكومية التي يجب ان تكون دائمة بهدف تحقيق الاستقرار في الجهاز الحكومي. 
 
2- من المعروف أيضا لدى المتخصصين في الادارة بشكل عام، وفي مجال الموارد البشرية على نحو خاص، ومن خلال ما توصلت اليه الدراسات والبحوث العلمية، ان العمل بنظام الوظيفة الدائمة يؤدي بالموظف الى الشعور بحالة من الاستقرار والامان الوظيفي، مما يعمل على ارتفاع مستوى الرضا الوظيفي لديه، ويزيد من دافعيته نحو العمل، فيتحسن مستوى الاداء وتتحقق الاهداف الموضوعة، والعكس صحيح. فهل يعقل أن يبقى الموظف – بموجب هذا التعديل - في حالة من القلق على مستقبله الوظيفي لما يزيد على عشرين عاما؟ وماذا لو انه تقرر عدم تجديد عقده قبل حلول موعد احالته على التقاعد بسنة او سنتين لسبب ما؟ مما لاشك فيه، أن اقرار هذه المادة ستكون له نتائجه السلبية من حيث شعور الموظف بعدم الاستقرار والامان الوظيفي، الأمر الذي سيؤدي الى تدني مستوى ادائه، مما قد يشكل مبررا لبعض الرؤساء لتقييم الموظف سلبا، ومن ثم الاستغناء عن خدماته. 

3- ان هذه المادة ستتيح للمتميزين ممن سيتم تعيينهم بموجبها، وممن تكون وزاراتهم ومؤسساتهم بحاجة اليهم، إما إنهاء عقودهم بهدف العمل خارج القطاع الحكومي، أو فرض شروطهم ومساومة مؤسساتهم على تعديل رواتبهم وامتيازاتهم مستغلين حاجة مؤسساتهم لهم. وفي جميع الاحوال سيكون القطاع العام هو الخاسر، نظرا لان هذه المادة ستسمح وتسهّـل تسرب الكفاءات. 

4- وما دام الباب قد اصبح مفتوحا للتعيين بموجب عقود، فمن يضمن أن تكون جميع العقود متساوية في الحقوق والواجبات، بعيدة عن الواسطة والمغالاة والشطط في الرواتب والامتيازات باعتبار ان العقد شريعة المتعاقدين. ولطالما كانت العقود حجة وذريعة لالغاء ودمج المؤسسات المستقلة وإخضاعها لنظام الخدمة المدنية. 

5- إن وجود مثل هذه المادة في نظام الخدمة المدنية سيعمل على الغاء مبدأ المساواة بين العاملين في الوزارة او المؤسسة الواحدة بسبب وجود موظفين دائمين وآخرين بموجب عقود. ومعروف ان مبدأ المساواة بين العاملين في المؤسسة الواحدة احد المبادئ الهامة في عملية ادارة الموارد البشرية، فكيف سيكون الامر في ظل انتفاء المساواة فيما يتعلق بالامان الوظيفي؟ وكيف سيكون شكل هذه المساواة في ظل انهاء عقد الموظف ذي الاداء المتدني مقارنة باداء متدن لموظف آخر يعمل بوظيفة دائمة ؟ ألا يؤدي الشعور بعدم المساواة الى حدوث فجوة بين أداء العاملين بعقود وبين اداء العاملين بوظيفة دائمة ؟ 
 
6- إن هذه المادة تشكل خرقا دستوريا واضحا، باعتبار ان الدستور الاردني قد نص صراحة على ان الاردنيين متساوون في الحقوق والواجبات.
7- ومما يزيد من مساوئ هذه المادة أن مؤسسات القطاع العام في الاردن لم تصل بعد الى مرحلة التقييم الموضوعي لاداء العاملين في القطاع العام، وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها، وأن نكون عند مستوى الامانة والمسؤولية فلا نداهن ولا نتجمّل. فمجتمعنا ما يزال محكوما بعقليته العشائرية والاقليمية، والتي ستنعكس حتما على العلاقة بين الرؤساء والمرؤوسين، والأمثلة على هذا كثيرة في الجهاز الحكومي. ويترافق هذا مع حقيقة ان مؤسسات القطاع العام لدينا لم تتمكن حتى الان من ممارسة عملية التخطيط، ومن ضمنها وضع الاهداف على مختلف المستويات الادارية، بشكل صحيح، بل ولم تأخذ حتى بنظرية الادارة بالاهداف، ولا بتحديد الاهداف الخاصة بكل موظف والنتائج المتوقعة منه، بهدف تقييم ادائه بناء عليها. وبالتالي، فان عملية تعبئة سجلات التقييم على اكثر من مرحلة من المراحل، وكما أشير اليه في التصريحات المنشورة في الصحف بهذا الخصوص، ستبقى عملية محكومة بالمعايير الذاتية الشخصية للرئيس، ولطبيعة ومدى علاقته الشخصية لا الرسمية بمرؤوسيه. وهذا يعني ان الموظف سيبقى (تحت رحمة رئيسه) مما قد يضطره الى اللجوء الى الاساليب الملتوية البعيدة عن اخلاقيات الادارة والعمل بهدف نيل رضا الرئيس، والحصول على تقييم متميز. 

8- طالما أن التعيين بموجب عقود سيعمل على تحسين الأداء، فلماذا لا يتم تعيين الامناء العامين ومن في سويتهم وفق هذا المبدأ، أسوة ببقية الموظفين الذين سيتم تعيينهم؟ وهل سيتم الاستغناء عن خدمات أي من القيادات الادارية العليا إذا تبين أن أداءه متدن؟ 
 
9- إن تحسين مستوى الاداء الحكومي لا يكون من خلال اقرار تشريعات لا تتفق ولا تتسق مع واقع الادارة الاردنية، وتفتح مجالا لايقاع الظلم والتعسف بحق الموظفين حتى ولو كان الهدف نبيلا والغاية سامية. وإن مسيرة تحسين الاداء الحكومي تبدأ بتحسين عملية اختيار القيادات الادارية على مستوى الامناء والمديرين العامين، وبقيادات الطبقتين الاداريتين: الوسطى والدنيا، تلك القيادات التي يجب ان تمتلك الكفاءة والخبرة والمعرفة، والقدرة على ممارسة الوظائف الادارية بكفاية وفاعلية، بدءا بوظيفة التخطيط ووضع الاهداف وانتهاء بوظيفة الرقابة. 
 
10- إن وجود قيادة ادارية تقوم بواجبها على أفضل وجه، وتقدم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وتراقب الاداء اليومي للمؤسسة التي تقودها، وتفعّل مبدأ الثواب والعقاب، هو منصة الانطلاق نحو تحسين الاداء الحكومي من خلال اداء متميز يؤديه العاملون في الجهاز الحكومي. وبخلاف ذلك، فإن كل التشريعات لن تكون مجدية، وسيتسع نطاق الترهل الاداري، ولن تتحقق طموحات جلالة الملك بوجود أداء حكومي متميز. 
 
في النهاية أقول: هذا جهاز حكومي، بُني على مر السنين بجهد وعرق وكفاح الرواد والبناة، فلا يعقل أن تتم إدارته بفردية وبعقلية "عنزة ولو طارت".
شريط الأخبار صحفيون يفوزون بجائزة الحسين للإبداع الصحفي شركة غاز الأردن: وزارة الطاقة عينت مستشارا لوضع تسعيرة لغاز حقل الريشة وستراجع شهريا الجيش يحبط محاولة تهريب مخدرات عبر درون اتحاد عمال الأردن: رفع الحد الأدنى للأجور لـ300 دينار على الأقل "أصبح حقا وجوبيا" الحنيطي يشدد على أهمية استمرار التأهيل لضمان جاهزية القوات المسلحة العملياتية وزير الخارجية: وقف التصعيد يبدأ بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان جيش الاحتلال يُقرّ بمقتل 7 ضباط وجنود في معارك جنوب لبنان ما قصة صواريخ الكنافة التي أطلقها النائب الظهراوي في الزرقاء؟.. فيديو افتتاح أول مشروع لتوليد الكهربـاء باستخدام الغاز الأردنـي غدا الخميس حزب الله: فجرنا عبوة ناسفة في قوة للاحتلال وأوقعناها بين قتيل وجريح الشرق الأوسط للتأمين تقر بياناتها وتوزع أرباحاً نقدية على مساهميها بنسبة (7%) القدس للتأمين تعقد اجتماعها العمومي وتوزع أرباح بنسبة 10% على المساهمين ذياب: الضربة الإيرانية أصابت إسرائيل في مقتل وأعادت الاعتبار لمحور المقاومة وأخرجت الناس على الشوارع فرحًا النمري: الضربة الإيرانية على إسرائيل "مجرد رفع عتب" ولم تحقق أي أهداف حقيقية "الثأر لدماء الحبيب هنية".. ما كُتب على الصواريخ الإيرانية قبل انطلاقها نحو مدن الاحتلال - فيديو آفاق للطاقة تعيد تشكيل لجانها الداخلية .. اسماء العبادي: "إيران تصفع نتنياهو بـ 180 صفعة وترفع معنويات الناس" الجيش الإسرائيلي يعترف: قواعدنا العسكرية والجوية تضررت جراء الهجوم الإيراني إسرائيل تعلن الأمين العام للأمم المتحدة "شخصا غير مرغوب فيه" حزب الله: نخوض اشتباكات ضارية مع جنود متسللين لمارون الراس وأوقعنا بهم اصابات محققة