قطعت الحكومة بالفعل شوطا طويلا على طريق إعداد القانون، ومن المتوقع حسب تصريحات رسمية إحالة مشروع القانون إلى مجلس الأمة في غضون الأسابيع المقبلة. وقد ارتفعت أصوات في مجلس النواب "تحذر" من تبعات الخطوة، وتدعو إلى التريث في عرضه على المجلس، فيما بدأ نواب آخرون تحركا لدفن المشروع في مكاتب اللجان النيابية حال تقديمه.
وفي مسعى من الحكومة لتطمين النواب على مستقبلهم، أكد أكثر من وزير ومسؤول أن إنجاز وإقرار قانون جديد للنواب لا يعني حل المجلس. وهناك من قبل تأكيدات على أعلى مستوى بأن المجلس الحالي سيكمل مدته الدستورية. ففي خطاب العرش بافتتاح الدورة البرلمانية الحالية أكد الملك ذلك بوضوح. وفي اجتماعاته مع النواب، مجموعات وأفرادا، يكرر الملك نفس الجملة التي قالها في افتتاح الدورة البرلمانية.
مع ذلك، فإن نوابا كثرا يعتقدون أن وجود قانون انتخاب جاهز سيكون بمثابة سيف مسلط على رقابهم، قد تلجأ الدولة لاستخدامه في أية لحظة. ويقول بعضهم إن النواب ومن باب الحرص على استمرار نيابتهم سيتنازلون عن حقهم في مساءلة الحكومة خشية انتقامها بحل المجلس.
فما السبيل إذا لإنجاز القانون بوصفه حاجة رئيسية من حاجات الإصلاح السياسي، وتطمين النواب في ذات الوقت على أن إقراره لن يؤدي إلى انتخابات مبكرة؟
الحل حسب مختصين بالتشريع والدستور بسيط، وفي متناول يد مجلس الأمة بشقيه؛ وهو وضع نص في القانون يؤجل سريانه عامين أو ثلاثة. في كل التشريعات هناك مادة تحدد موعد تطبيق القانون، كأن يقال "بعد ستين أو تسعين يوما من نشره في الجريدة الرسمية". أو نص على تطبيقه اعتبارا من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية، وهكذا.
ليس هناك ما يمنع النواب والأعيان من التوافق على مادة تنص بأن القانون الجديد يدخل حيز التنفيذ بعد عامين على نشره في الجريدة الرسمية مثلا. وبذلك نكسب قانونا جديدا ومتقدما لقانون الانتخاب، ويحصل النواب على ضمان قاطع بعدم حل المجلس.
يحتاج مثل هذا الأمر إلى توافق سياسي على مستوى الدولة، حال إقرار مشروع القانون من قبل الحكومة، أي قبل إحالته لمجلس النواب، على أن يترك للنواب إضافة المادة المتعلقة بموعد تطبيق القانون.
إذا كانت الحكومة صادقة في نواياها ووعودها بعدم حل المجلس بعد إقرار القانون، فإن من مصلحتها إضافة هذه المادة، لتضمن تمرير القانون، وعدم تعطيله في مجلس النواب. ومن ثم تتفرغ لإدارة حملة لإقناع النواب والأعيان بالتغيير الجوهري الذي تنوي إدخاله على نظام الإنتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية، ودفن نظام الصوت الواحد الذي فشلت محاولات سابقة لتغييره، وعاد أكثر من مرة من موت محقق.