جرش...المدينة المقلوبة !

جرش...المدينة المقلوبة !
أخبار البلد -  

في التراتبية التفاضلية،تعتبر مدينة جرش الاثرية، افضل المدن العشرة للجناح الشرقي للأمبراطورية الرومانية،فيما تحتل اليوم المركز الثاني سياحياً بعد مدينة البترا.الحفائر الأثرية دلت على وجود حياة فيها قبل (6500) سنة،كما دلت اللقائط الاثرية، انها مرت بالعصور البرونزية والحديدية والرومانية واليونانية حتى وصلت للعهدين الاموي والعباسي،ما يؤكد انها كانت مدينة مركزية تلتقي فيها خطوط التجارة والمواصلات،و اسطورة عمرانية،توحي بعظمة المكان و الانسان .

*** جرش القديمة،اعجوبة هندسية،لوحة فنية مرسومة بخيال عبقري شاعر، ومحفورة في حجارة صماء توشك ان تنطق.معابد مزخرفة،مسارح رائعة،حمامات شعبية،نوافير مائية،كاتدرائيات مميزة،مضمار لسباق الخيل.معبد ارتيمس "إلهة الصيد" اعجاز في العظمة والهيبة،أعمدة بتيجان منحوتة على شكل أوراق خرشوف،جسر للمشاة هو الاول من نوعة في الشرق الاوسط، يعتلي نهر الذهب.جرش كانت صدى لعظمة التاريخ، و ابداعات الانسان.

*** جرش الحديثة صورة مقلوبة تماماً. جرش القرن الواحد والعشرين لوحة مزيفة،الوانها كالحة،وخطوطها معوجة.جرش عصر التكنولوجيا الثابتة والمحمولة والمتحركة واللاقطة، مدينة ممسوخة متخلفة. جرش الحديثة هي رمز نموذجي للفوضى والخراب، الذي يشبه الخراب الاول بعد ان دمرها زلزال عام 747 ميلادية. الفارق بين الخرابين ان الاول كان بفعل عوامل جيولوجية، بينما الخراب الثاني بفعل الانسان.

*** جرش الحديثة، واقع مريض،فوضى عارمة غير مسبوقة،غياب للنظام والانتظام.كوميديا سوداء تتجدد احداثها كل صباح.احتلال للارصفة،اصطفافات مزدوجة،وساخة تغرق الشوارع،صعوبة في الحركة،مخاطرة في المشي وحين التبضع،تلوث سمعي وبصري وصحي. الحياة تسير في شوارعها بصعوبة بالغة.عملية قسطرة لها لا تفي بالغرض لتسليك امورها.التشخيص العلمي يؤكد انها بحاجة لعملية قلب مفتوح لكي تنصلح احوالها.ازمة خانقة على دوار القيروان.مشادات و زوامير على دوار منتزه البلدية.زحف سلحفائي للسيارات وللبشر جراء الاختناقات. اللافت في هذه اللوحة السوريالية ضياع هوية المكان والزمان نتيجة تداخل الخطوط و الالوان،مع غياب تام لاطار تنظيمي الامر الذي يزيد من حالة الفلتان.

*** جرش المدينة التي كانت الاكثر وسامة وجمالا وجاذبية،المعلقة صورها في سفاراتنا في اربع رياح الارض.جرش المطبوعة على العملة الوطنية،جرش حجيج الرحلات في الربيع والصيف،اصبحت اليوم واجهات لعرض احدث موديلات البالة من الالبسة و الاحذية القديمة.خضروات المواسم تنتشر في كل مكان، على مدار السنة، حتى اصبحت المدينة "حسبة مفتوحة". ارصفتها محتلة،دواويرها مكتظة. باعة متجولون يحتلون الزوايا،ويتركون زبالتهم خلفهم غير عابئين باحد لانه ـ لا احد ـ في ظل غياب الرقابة والمُساءلة .تجاوز على القانون.لا حرمة للشارع،لا حرمة لشيء،كل شيء مباح وصاحب البسطة يرمي قفازه في وجه الجميع متحدياً...المواطنيين و المسؤولين ـ شعاره ـ "من يجرؤ على الاقتراب سأمرغ انفه في التراب".

*** اوضاع مزرية فضائحية.هي ليست ظواهر غير حضارية فقط ،بل جرائم وطنية،خروج سافر على القانون. مشهد يدل على ان الشارع اصبح مكرهة صحية، حتى بتنا لا نختلف عن المدن العشوائية،حيث الغلبة لسلطان القوة والفتوة. جرش تحولت من ايقونة جميلة الى "انتيكة قديمة" لا تجد لها موقعاً في متحف من الدرجة العاشرة يقبلها ،بعد ان كانت تحتل مكان الصدارة.المؤسف ان الحلول السابقة لاعادتها الى ما كانت عليه فشلت فشلاً ذريعا،في إزالة ما علق بها من عوالق مؤذية.

*** المطلوب البحث عن استراتيجة خلاقة لها صفة الديمومة، لحل هذه القضية المؤرقة ،والتعامل معها من منظار وطني ياخذ مصلحة الجميع بالحسبان.فمدينة جرش اصبحت لا تطاق،لذلك لا يجوز تركها تتآكل وتستنزف ذاتها حتى تذوى وتموت.واجب الوجوب تغليب المصلحة العامة على الخاصة لانه الاصل قانونا وشرعاً،ومن غير المنطقي التهاون مع بضعة اشخاص يعانون من اوضاع اقتصادية موجعة،ان نُخرّب مدينة من احلى المدن،وعاصمة لمحافظة يعيش تحت جناحيها حوالي (170) الف نسمة.

*** السؤال المطروح امام المسؤوليين كافة،محافظةً وبلديةً وجهازَ شرطة و مواطنيين: هل ستبقى جرش على ما هي عليه؟! ان كان الجواب بالايجاب، دعونا نفتح لها سرادق عزاء،ونبكي على اطلالها على طريقة شعراء الجاهلية، ونعترف على رؤوس الاشهاد،انها مدينة صابئة،خرجت عن الملة، ورجعت لفوضى ما قبل الدولة؟!.

*** مفارقة عجيبة في هذه المدينة العجيبة.فقبل آلآف السنيين،شّيدت الدولة الرومانية بوابة النصر كمدخل للمدينة التحفة الهندسية،بينما انشئت قبل سنوات احدى الحكومات "الرشيدة" محطة تنقية، وزرعتها على مسافة قريبة من بوابة النصر، في الوادي الاخضر اخصب المناطق الزراعية الجرشية و اجملها، تلك المعروفة باسم ـ منطقة المطاعم السياحية ـ لتبخ روائحها العطرية على الزوار و المواطنيين طيلة فصل الصيف.خلاصة القول
ان الجرشين لا يريدون ان تصبح مدينتهم موقعاً للتراث العالمي،ولا العودة الى ستة آلآف يوم كانت احدى اهم مدن الشرق، انما يريدون ان تعود جرش للوراء (50) سنه كما كانت ايام زمان جميلة ونظيفة ووادعة..!.
مدونة الكاتب الصحفي بسام الياسين
شريط الأخبار الحنيطي يشدد على أهمية استمرار التأهيل لضمان جاهزية القوات المسلحة العملياتية وزير الخارجية: وقف التصعيد يبدأ بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة ولبنان جيش الاحتلال يُقرّ بمقتل 7 ضباط وجنود في معارك جنوب لبنان ما قصة صواريخ الكنافة التي أطلقها النائب الظهراوي في الزرقاء؟.. فيديو افتتاح أول مشروع لتوليد الكهربـاء باستخدام الغاز الأردنـي غدا الخميس حزب الله: فجرنا عبوة ناسفة في قوة للاحتلال وأوقعناها بين قتيل وجريح الشرق الأوسط للتأمين تقر بياناتها وتوزع أرباحاً نقدية على مساهميها بنسبة (7%) القدس للتأمين تعقد اجتماعها العمومي وتوزع أرباح بنسبة 10% على المساهمين ذياب: الضربة الإيرانية أصابت إسرائيل في مقتل وأعادت الاعتبار لمحور المقاومة وأخرجت الناس على الشوارع فرحًا النمري: الضربة الإيرانية على إسرائيل "مجرد رفع عتب" ولم تحقق أي أهداف حقيقية "الثأر لدماء الحبيب هنية".. ما كُتب على الصواريخ الإيرانية قبل انطلاقها نحو مدن الاحتلال - فيديو آفاق للطاقة تعيد تشكيل لجانها الداخلية .. اسماء العبادي: "إيران تصفع نتنياهو بـ 180 صفعة وترفع معنويات الناس" الجيش الإسرائيلي يعترف: قواعدنا العسكرية والجوية تضررت جراء الهجوم الإيراني إسرائيل تعلن الأمين العام للأمم المتحدة "شخصا غير مرغوب فيه" حزب الله: نخوض اشتباكات ضارية مع جنود متسللين لمارون الراس وأوقعنا بهم اصابات محققة الملخص اليومي لحجم تداول الاسهم في بورصة عمان لجلسة اليوم الاربعاء .. تفاصيل في حالة نادرة.. امرأة بـ"رحمين" تنجب توأمين الخامنئي: لدي ما أقوله بشأن فقدان السيد حسن نصر الله وما يجري في لبنان وسأعرض ذلك قريبا القصف الإيراني لإسرائيل - تضرر نحو 100 منزل في مدينة قرب تل أبيب