عندما تقرر الحكومة دفع دعم نقـدي لتعويض فرق السعر لسلعة أساسية ، فإن الهدف هو تجنب صدمة ارتفاع السعر ، بحيث يأخذ المستهلك وقتاً كافياً للتكيف مع الوضع الجديد.
وقد مر على دفع تعويض نقدي عن تعويم أسعار المحروقات مدة كافيـة ، تم خلالها دفع مئات الملايين من الدنانير ، بعضها لغير المستحقين من الميسورين الذين لا يحتاجون الدعم ولا يستحقونه.
التعويضات النقدية التي تدفع لتمرير رفع الأسعار ليست أكثر من حالة استثنائية لا يجوز أن تدوم أكثر من اللازم ، فالعدالة تقتضي أن لا يقل السعر عن الكلفة إلا في الفترة الانتقالية.
من الواضح أن وزارة المالية متضايقة حالياً من كلفة التعويضات النقدية ، خاصة وأن وضعها المالي أسوأ من أوضاع المواطنين الذين تدعمهم ليس بأموال متوفرة لديها بل عن طريق الاستدانة من البنوك المحلية والأجنبية ، وهي قروض واجبة التسديد.
الحكومة تعهدت بتقديم تعويض عن فرق أسعار المحروقات ، وهذه منحة سياسية بالدرجة الأولى وليست واجباً ولا يمكن أن تستمر إلى الأبد طالما أن السعر العالمي للبترول مرشح للارتفاع وليس للهبوط.
يذكر أن التعويض النقدي حسب على اساس أن سعر برميل البترول 118 دولارا ، ولكنه لم يصل إلى ذلك الحد بل يتراوح حول 108 دولارات ، الأمر الذي يدل على أن التعويض النقدي المدفوع يعادل ضعف فرق السعر عما لو كان السعر 100 دولار للبرميل وهو سعر الاساس للحسابات.
تريد الحكومة اليوم أن تدقق قوائم المستفيدين من دعم المحروقات لكي تشطب غير المستحقين ، فقد اتضح أن بعض كبار الملاك العقاريين وأصحاب سوبر ماركت وتجار كبار يأخذون دعماً نقدياً غير لازم وغير مستحق.
أمام الحكومة خيارات متعددة ، فهي تستطيع أن تعتبر الدفعة عن ستة أشهر بدلاً من أربعة ، أو أن تخفض مبلغ الدعم بمقدار النصف ، أو أن تسير قدمأً في تأجيل الدفع بانتظار نتائج التدقيق ، كما أنها تستطيع اعتبار أن الدعم استنفد أغراضه ، وأن المجتمع استوعب الزيادة في الأسعار ، خاصة وأن هذه الزيادة لا يقصد بها أكثر من استرداد الكلفة الفعلية. وفي هذه الحالة تكتفي باستمرار دعم غاز الطبخ حتى إشعار آخر وليس إلى الأبد.