وكأن هناك من يردد مع ذاته باستصغار «لأجعل حياتكم جحيما أيها الاردنيون، مضيفا لكم المزيد من الفقر والجوع والحرمان ما استطعت الى ذلك سبيلا». وأنه يصحو كل يوم على طرب من ردات فعل قرارات الرفع وإزالة الدعم عن حاجات الناس الاساسية فلا يكتفي أبدا بها لتتقرح ذهنيته كل يوم عما يزيد البؤس ويرفع منسوب القهر مكللا الأمر بزفير من آهاتهم، وهم يصبحون على مشقة وأسعار لا تغطيها بقايا ما في الجيوب ومدخرات من بضعة مئات ظنوها لوهلة أنها ثروة لعثرات الزمان ثم يبيتون على ألم وكسرة عين من عجز لجلب أي فرح لصغار أو زوجة، وقد ردد أحدهم مستنجدا «يا أيها الملك الاعز مكانة بين الملوك ويا أعز سبيلا».
عندما ترتفع أسعار 100 سلعة خلال شهر بنسبة 50% فإن الحكومة تريد تجويع الناس، وعندما ترتفع اخرى بنسبة 100% فإنها لا تريدهم ان يعيشوا طبيعيين. وعندما تتجبر وتحكم بخيلاء تكون فوق الشعب وليس منه، وعندما تتعسف حتى على الموظفين الرسميين في أعمالهم ودرجاتهم ومناصبهم فإنها تحكم بعرفية وعقلية العسس. وزيرة الثقافة تعلن استعدادها لمناقشة مهرجان جرش وتقول إنه يكلف الخزينة مليون دينار، ترى ما الفائدة التي يحققها الاردن من المهرجان عندما يخصص لنانسي وهيفا، ووزير العمل يقرر رفع قيمة مخالفة العمالة الوافدة، فلما هو وزيرا للسياحة وبدل العمل وزيرا للعمال، ووزيرة التنمية تعين مستشارين لها من المدراء على أن يبقوا في مراكز عملهم خارج مركز الوزارة، فالأكيد أنها ستشاورهم عبر الهاتف وملحقاته، وليشر أحد أين تقع وظيفة مستشار في نظام الخدمة المدنية، وهل هي تنفيعة أو بقدر مشروط، ووزير الخارجية يعلن قبول السوريين بلا حدود مع انه وزيرا لخارج الحدود. وفي الشهر الماضي خفضت الحكومة سعر البنزين بمقدار تعريفة وهذا الشهر رفعته قرشين، والمعادلة تعني انها رفعته اساسا الشهر الماضي قرشا ونصف، ربما لأنها حكومة نوع مرسيدس. والقصة من الآخر هي أن الشعب يستحق حكومة له وليس عليه.