آخر ما كان يحتاجه الأردن في هذه الفترة هو رسم علامة استفهام كبيرة على مصير مدخرات الشعب الأردني في الضمان الاجتماعي من خلال الصفقة المزعومة التي انتشرت أخبارها أمس حول بيع كل اسهم الضمان في بنك الإسكان إلى شركة مسجلة في قطر وغير معروفة على المستوى الاستثماري والمالي. الشركة التي تدعي أنها تملك اتفاقية موقعة من قبل الرئيس الأسبق لوحدة الاستثمار في الضمان تطالب الحكومة بمبلغ 93 مليون دولار تعويضا على عدم تنفيذ الحكومة لالتزامها المزعوم في بيع الأسهم للشركة.
الرئيس الحالي للوحدة الاستثمارية السيد سليمان الحافظ وهو شخص يتمتع بالكثير من المصداقية يؤكد بأنه تفاجأ بهذه الاتفاقية ولا توجد في كافة سجلات الوحدة الاستثمارية اية مراسلات أو اتفاقيات أو آثار لمثل هذه الصفقة. الرئيس الاسبق للوحدة الاستثمارية وهو ايضا يتمتع بسمعة طيبة أكد في تصريحات صحافية بأنه لم يوقع ابدا على هكذا اتفاقية وأن التوقيع مزور.
كلام الرئيس الحالي والسابق قابل جدا للتصديق، ولكن القضية أمام أصبحت قضائية فهل تملك الشركة بالفعل مستندات ثابتة تدين الضمان أم أنها عملية ابتزاز يتعرض لها الضمان الاجتماعي وربما بتنسيق من الداخل؟ في بحث سريع عبر الإنترنت لا يوجد اي ذكر لشركة تحمل الإسم باللغة الأنجليزية الذي تم تداوله أمس KRIC Belize أما الاسم باللغة العربية وهو شركة المسابلة فهو موجود لشركة ذات استثمار كويتي-سعودي تأسست في العام 2006 براسمال 30 مليون دولار (صفقة الضمان المزعومة حوالي 460 مليون دولار!) ولكن نشاطها قليل جدا ولا يذكر إلا في صفقة واحدة عبر طريقة البي أو تي وليس شراء مباشرا لأسهم.
ونحن لا نزال نتذكر السيناريو المخزي لقضية الكازينو لا بد من فتح تحقيق شامل بهذه القضية والتي بلا شك لم تظهر من فراغ وتمثل نوعا من "الفهلوة” الإدارية التي يجب القضاء عليها تماما من الإدارة الأردنية وفي كافة القطاعات. الاحتمالات الثلاثة للصفقة هي إما أن تكون مقلبا من شخص يستخدم اسم الشركة وأرسل البريد الإلكتروني بقصد الابتزاز أو أن تكون حالة تزوير تمت بتنسيق من داخل الوحدة الاستثمارية بدون علم الرئيس الأسبق أو حتى الشركة نفسها أو أن تكون المصيبة في صحة التوقيع.
في النهاية سوف تظهر الحقيقة بلا رتوش لأن القضية في محكمة سويسرية ولا يوجد مكان للتذاكي هنالك فالحد الفاصل سيكون إثبات التزوير من عدمه ومدى مصداقية المستندات التي تملكها الشركة. المهم الآن هو الشفافية التامة في التحقيق الداخلي لأن الأمر مثير جدا للقلق وإذا كانت هنالك مساحة ما ممكنة للفهلوة في الإدارة العامة في بعض الوزارات والمؤسسات فهذا لا يمكن أن يكون مسموحا في الضمان الاجتماعي.