أخبار البلد - د. فهد الفانك
تقوم الخطة المالية المقررة للسنة القادمة على أساس أن تحصل الحكومة إيرادات محلية تقل عن ستة مليارات من الدنانير ، وأن تنفق أكثر من ثمانية مليارات ، أي بعجز اقتصادي قدره مليونين نصفه ممول بالمنح الخارجية والنصف الثاني بالقروض المصرفية المحلية والأجنبية.
بهذه الطريقة يمكن المرور من السنة القادمة ولكن ماذا بعدها ، وهل من الممكن استمرار الوضع الراهن إلى ما لا نهاية ، وتراكم المديونية بدون سقف نقف عنده لنفكر.
وزارة المالية قد تكون مضطرة لتقديم موازنة بهذا الحجم بسبب ارتفاع أعداد الموظفين والمتقاعدين ورواتبهم ، وزيادة الفوائد المدفوعة على المديونية المتصاعدة ، والرضوخ للإضرابات والاعتصامات المطلبية التي تؤدي تلبيتها إلى زيادة النفقات الجارية.
كل هذه الأمور ليست تحت سيطرة وزارة المالية ، ومع ذلك فهي التي تتلقى الانتقادات ، مع أنها في إعدادها للموازنة تقوم بدور المرآة التي تعكس الواقع مهما كان قبيحأً ، ومن لا تعجبه الصورة يصب جام غضبه على المرآة!.
ليست هناك حلول لا تعرفها الحكومة ويستطيع النقاد والمعلقون أن يدلوها عليها ، فهم يقدمون النقد وهو سهل ، ولكنهم يمتنعون عن تقديم الحلول ولو كانوا يعرفونها لأنها صعبة ، وغير مقبولة شعبياً.
ليس أمام وزارة المالية خيارات جيدة ، ذلك أن ضغط النفقات التشغيلية للدوائر الحكومية من كهرباء وماء وقرطاسية وصيانة إلى آخره استنفد أغراضه ، وفرض المزيد من الرسوم والضرائب وصل إلى السقف أو تجاوزه ، كما أن الدعم الاستهلاكي مقدس ، والموازنة العسكرية لا تمس.
الحلول الباقية هي الحلول الجراحية ، أي تخفيض حجم الحكومة ، وشطب بعض الوحدات الحكومية المستقلة ، وإعادة النظر في الموازنة العسكرية التي يجب أن تمول عربياً.
هل تستطيع اللجنة المالية في مجلس النواب أن تستعرض البنود التفصيلية للنفقات واحدأً واحداً وتكون لديها الشجاعة لاستعمال القلم الأحمر في الشطب وليس مجرد التخفيض.
مما يلفت النظر أن وزير المالية الدكتور أمية طوقان دافع عن الموازنة أمام الصحفيين ، وسيدافع عنها أمام النواب ، وكأن عيوبها الصارخة من صنعه وليست مفروضة عليه!.
لم تعد المسكنات كافية لعلاج الوضع المالي الراهن ، وقد جاء الوقت لإجراء عمليات جراحية قبل أن يستفحل المرض ويخرج عن السيطرة.