إبر التخدير والطبطبة لا تبني الأوطان (1)
ربما يحق لي وقد قضيت ربع قرن في الجهاز الحكومي أن أقول أن الأمور تجري بقوة الاستمرار لا بالضبط والربط الإداري المعمول به في أغلب دول العالم يدخل الموظف لجهاز الدولة ويكلف فورا بالالتزام بمكتب إذا توفر أو يلصق نفسه لزميل سبقه في العمل ويتساءل الجديد من القديم ( شو أساوي ) فيقول له اقعد مثل ما أنا قاعد بوقع الصبح وعند الترويحه وهكذا في غالبية أجهزة الدولة طبعا يكلف البعض بمهام حسب رغبة المدير وتسير الأمور ويترفع الموظف ويحضر دورات وربما الحظ يناله ليكون احد الموظفين المميزين ويحال على التقاعد دونما مسمى وظيفي معين له أو انجاز حققه... لقد تعلمنا ومن خلال دورات عديدة عقدتها مؤسسات محلية وغير محلية لتؤكد أن أي عمل بحاجة لوصف وظيفي ليعرف الموظف ما يقوم به وليحاسب على أي تقصير يبدر منه هكذا ما تعلمنا ونظر علينا فيه المدربون من معهد الإدارة العامة بدءا ووصولا لدورات صرف عليها ملايين الدنانير ... هل طبقت أجهزة الدولة هذا المبدأ وهل ألزم مدراء الدوائر لا بل الوزراء بتطبيق ذلك في وزاراتهم وهل طبق الثواب والعقاب على المجتهد والمسيء .. للأسف ما يجري في دوائرنا هو على مبدأ ( سيري فعين الله ترعاك )... اقسم لكم بأنني عضو في مؤسسة محلية تتبع لإحدى الوزارات المهمة ومضى على تأسيس هذه المؤسسة أكثر من ست سنوات وكنا نحرص في نهاية كل عام حضور المسؤول الأول للاجتماع السنوي وتسليم مندوبيه نسخا عن الميزانية لإرسالها للوزارة المعنية وعند طلب تصويب أوضاع الجمعيات مؤخرا راجعنا الوزارة المعنية لنجد أن الملف خال من أي أوراق ، ونكتة أخرى شاهدتها بنفسي عند مراجعتي لأحد فروع دائرة الأراضي ولوجود إشارة حجز من قبل ضريبة الدخل وعند مراجعتي أعلموني بأنهم أرسلوا كتابا قبل عامين لرفع الحجز ... أتساءل ماذا يفعل الموظف خلال ثماني ساعات الدوام ماذا يفعل مديره ؟؟؟ ... أتحدى اغلبهم ليتابع نسخا من كتاب إذا ما كان قد وصل للمرسل إليه أو تم اتخاذ إجراء بشأنه... إلا إذا ماتمت المتابعة بشكل شخصي وبالدبلوماسية أو بطلعان الصوت أو بالهوشات التي نشهدها في الكثير من مؤسساتنا العامة ... ماذا نعلم الموظف الجديد ؟؟؟ ومن يقوم بالتعليم ؟؟؟ ونكتشف أن فاقد الشيء لا يعطيه... ترهلت أجهزة الدولة إلى درجة أن أصبحت مجمعات لشباب وشابات لا عمل لهم سوى الفراغ وتبعاته.. اليوم زرت إحدى البلديات الفرعية وسألت عن عدد العاملين فيها فاخبروني أن العدد 260 موظف وموظفة والحاجة الحقيقية أدنى من ذلك بكثير، وحدث ولا حرج عما نسمع ويدور في اغلب الدوائر والمؤسسات الحكومية ....... نحن بحاجة لتشغيل أبنائنا وبناتنا بما يكسبهم خبرة ومهارة وان يشعر بأنه إنسان منتج لا عالة على الدولة والمجتمع ... شبابنا بحاجة لعمل جاد خلاق لا مجرد حبس يوضع فيه وإعاشة شهرية تصرف له آخر الشهر دون قيامه بأي عمل يذكر ..... أين المخططين والمنظرين والوزراء المتعاقبين ماذا احدثم من تغيير ؟؟؟ ماذا طورتم من عمل ؟؟؟ ماذا علمتم الأجيال ليكونوا أكثر صدقا وإنتاجا وانتماء لبلدهم وأهلهم ؟؟؟... إبر التخدير والطبطبة لا تبني الأوطان نحن بحاجة لعمل جاد ولا نرضى أن نكون عالة على وطننا ومقدراته التي يجب أن نكون جزءا من بناته وتحقيق ازدهاره .
خالد احمد الضمور