ﺠﺄت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻟﻰ ﻛﻞ وﺳﺎﺋﻞ اﻻﺗﺼﺎل ﻻﺣﺘﻮاء ﻋﺎﺻﻔﺔ اﻟﺮدود اﻟﻨﯿﺎﺑﯿﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎت رﺋﯿﺲ اﻟﻮزراء
د. ﻋﺒﺪﷲ اﻟﻨﺴﻮر، ﻟهيئة اﻹذاﻋﺔ اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﯿﺔ "ﺑﻲ. ﺑﻲ. ﺳﻲ"، اﻟﺘﻲ ﻗﺎل ﻓﯿها إن اﻷردن ﻳﺆﻳﺪ ﺗﻮﺟﯿﻪ ﺿﺮﺑﺔ ﺟﺮاﺣﯿﺔ
ﻣﺤﺪودة وﻣﺪروﺳﺔ ﺑﻌﻨﺎﻳﺔ ﻟﺴﻮرﻳﺔ، ﺑﻘﯿﺎدة اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ. وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺘﺼﺮﻳﺤﺎت، أﻛﺪ اﻟﻨﺴﻮر أن
اﻷردن ﻟﻦ ﻳﺸﺎرك ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ، وﻳﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺤﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻸزﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ.
ﻟﻜﻦ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﻓﻲ ﻣﻀﻤﻮن اﻟﺘﻮﺿﯿﺤﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﯿﺔ ﻻﺳﺘﺪراك اﻟﻤﻮﻗﻒ، ﻳﺘﺒﯿﻦ أن رﺋﯿﺲ اﻟﻮزراء ﻟﻢ ﻳﺘﺮاﺟﻊ أو
ﻳﻨِﻒ اﻟﺠﻤﻠﺔ اﻟﺬھﺒﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎﺗﻪ ﻟـ"ﺑﻲ. ﺑﻲ. ﺳﻲ"، واﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺘﺄﻳﯿﺪ اﻷردن ﻟﻠﻀﺮﺑﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ.
ﻓﻲ اﻋﺘﻘﺎدي أن اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ ﻣﻊ "ﺑﻲ. ﺑﻲ. ﺳﻲ" ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ ھﺬه اﻟﺠﻤﻠﺔ ﻓﻘﻂ ﻻ ﻏﯿﺮ، وﻗﺪ وﺻﻠﺖ اﻟﺮﺳﺎﻟﺔ
اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻨﮫﺎ ﻟﻠﺠهة اﻟﻤﻌﻨﯿﺔ.
ﺧﻼل ﺟﻠﺴﺎت اﻻﺳﺘﻤﺎع ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس اﻷﻣﯿﺮﻛﻲ، واﻟﻤﺨﺼﺼﺔ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻣﺸﺮوع ﻗﺎﻧﻮن ﺗﻮﺟﯿﻪ ﺿﺮﺑﺔ ﻟﺴﻮرﻳﺔ،
ﺗﺮدد اﺳﻢ اﻷردن ﻛﺜﯿﺮا ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن وزﻳﺮ اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ اﻷﻣﯿﺮﻛﻲ ﺟﻮن ﻛﯿﺮي. ﻓﻔﻲ ﻣﺴﻌﻰ ﻣﻦ إدارﺗﻪ ﻹﻗﻨﺎع
اﻟﻤﺸﺮﻋﯿﻦ اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﯿﻦ ﺑﺪﻋﻢ ﻗﺮار اﻟﺒﯿﺖ اﻷﺑﯿﺾ، ﻗﺎل ﻛﯿﺮي أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﺮة إن: ﺣﻠﻔﺎءﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ، وﻓﻲ
ﻣﻘﺪﻣﺘﮫﻢ اﻷردن، وﺑﺎﻟﻄﺒﻊ إﺳﺮاﺋﯿﻞ، ﻳﻨﺘﻈﺮون ﻣﻨﺎ أن ﻧﻔﻌﻞ ﺷﯿﺌﺎ ﻟﺮدع اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري ﻋﻦ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺴﻼح
اﻟﻜﯿﻤﺎوي ﻣﺮة أﺧﺮى ﺿﺪ ﺟﯿﺮاﻧﻪ.
ﻛﺎن ھﺬا واﺣﺪا ﻣﻦ أﻗﻮى اﻟﻤﺒﺮرات اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻗﮫﺎ ﻛﯿﺮي ﻹﻗﻨﺎع اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس ﺑﻀﺮورة اﻟﻘﯿﺎم ﺑﻌﻤﻞ ﻋﺴﻜﺮي ﺿﺪ
ﺳﻮرﻳﺔ. وﻟﺬﻟﻚ، ﻛﺎن ﻣﻄﻠﻮﺑﺎ ﻣﻦ اﻷردن وﻏﯿﺮه ﻣﻦ ﺣﻠﻔﺎء اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة أن ﻳﻘﻮﻟﻮا ﻛﻠﻤﺔ ﺗﺪﻋﻢ ﻣﻮﻗﻒ اﻹدارة
اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ. ﺗﺮﻛﯿﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻋﻠﻨﺖ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ اﺳﺘﻌﺪادھﺎ ﻟﯿﺲ ﻟﺪﻋﻢ اﻟﻀﺮﺑﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ واﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﯿها.
وﻣﻦ ﺟهتها، ﻗﺪﻣﺖ إﺳﺮاﺋﯿﻞ اﻟﺘﺴﮫﯿﻼت اﻟﻠﻮﺟﺴﺘﯿﺔ ﻟﻠﻤﺪﻣﺮات اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ، وﺷﻌﺮ ﻗﺎدﺗﮫﺎ ﺑﺎﻹﺣﺒﺎط ﻋﻨﺪﻣﺎ أرﺟﺄ
اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻷﻣﯿﺮﻛﻲ ﺑﺎراك أوﺑﺎﻣﺎ، اﻟﻀﺮﺑﺔ إﻟﻰ ﺣﯿﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ دﻋﻢ اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس. ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﺳﻮى اﻷردن. وﻻﻋﺘﺒﺎرات
ﻛﺜﯿﺮة، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻄﻠﻮﺑﺎ ﻣﻨﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ دﻋﻢ ﻣﻌﻨﻮي ﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ، ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻟﻪ، وﺑﺤﻜﻢ طﺒﯿﻌﺘﮫﺎ، دور ﻣﺒﺎﺷﺮ
ﻓﯿﮫﺎ، أو ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺨﺪام أراﺿﯿﻪ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻟها.
واﻗﻌﯿﺎ، ﻟﻢ ﻳﻜﺬب رﺋﯿﺲ اﻟﻮزراء ﻋﻠﻰ اﻟﺮأي اﻟﻌﺎم اﻷردﻧﻲ؛ ﻓﺎﻷردن ﻟﻦ ﻳﻜﻮن ﻣﻨﻄﻠﻘﺎ ﻟﻠﮫﺠﻮم ﻋﻠﻰ ﺳﻮرﻳﺔ، واﻟﻘﻮات
اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ اﻷردﻧﯿﺔ ﻟﻦ ﺗﺸﺎرك ﻓﯿﮫﺎ، أو ﺗﻘﺪم ﺗﺴﮫﯿﻼت ﻟﮫﺎ. ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺘﺮاﺟﻊ اﻷردن ﻋﻦ إﻳﻤﺎﻧﻪ ﺑﺄن اﻟﺤﻞ اﻟﺴﻠﻤﻲ
ھﻮ اﻟﺨﯿﺎر اﻟﻮﺣﯿﺪ ﻟﺤﻞ اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ؛ ﻛﺎﻓﺔ اﻷطﺮاف اﻟﻤﺆﻳﺪة واﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ﻟﻠﻀﺮﺑﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ، ﺗﺘﻤﺴﻚ ﺑـ"ﺟﻨﯿﻒ2"
ﻛﺴﺒﯿﻞ ﻟﺤﻞ اﻷزﻣﺔ.
وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻳﻈﻞ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺸﺄن ﻏﯿﺮ ﻣﻌهود. إذ ﻟﻢ ﻳﺴﺒﻖ أن أﻋﻠﻦ اﻷردن ﺗﺄﻳﯿﺪه ﻟﻌﻤﻞ ﻋﺴﻜﺮي
أﺟﻨﺒﻲ ﺿﺪ ﺑﻠﺪ ﻋﺮﺑﻲ، ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﻠﻨﻲ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺑﻐﺰو اﻟﻌﺮاق اﻟﻌﺎم 2003، ﻋﺎرض
اﻷردن ذﻟﻚ، ﻟﻜﻨﻪ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻗﺎدرا ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻌﻪ، وواﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﻳﻢ ﺗﺴﮫﯿﻼت ﻣﺤﺪودة ﻟﻘﻮات اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ، وأﺑﻘﻰ ذﻟﻚ
اﻷﻣﺮ طﻲ اﻟﻜﺘﻤﺎن.
اﻷردن ﻟﯿﺲ ﻛﺒﺎﻗﻲ دول اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ؛ ھﺎﻣﺶ اﻟﻤﻨﺎورات أﻣﺎﻣﻪ ﻣﺤﺪود ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ. ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻢ اﻟﻈﺮوف، ﻻ ﻳﺴﺘﻄﯿﻊ أن
ﻳﻘﻮل "ﻧﻌﻢ" ﺻﺮﻳﺤﺔ، أو "ﻻ" ﻗﺎطﻌﺔ. ﺣﺴﺎﺑﺎت اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻘﺎرﺑﺎت ﻣﻌﻘﺪة وﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﺸﻲء، وﻣﻮاﻗﻒ ﻻ
ﺗﺘﻄﺎﺑﻖ داﺋﻤﺎ ﻣﻊ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ.
ﻋﻨﺪﻣﺎ اﺣﺘﺎج اﻷردن إﻟﻰ دﻋﻢ ﻗﺪراﺗﻪ اﻟﺪﻓﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮫﺔ أﺧﻄﺎر اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﺘﻔﺠﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺪوده اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ، ﻗﺪﻣﺖ
اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻟﻪ ﺑﻄﺎرﻳﺎت "ﺑﺎﺗﺮﻳﻮت"، وﺳﺮﺑﺎ ﻣﻦ طﺎﺋﺮات "أف16"، واﻟﻤﺌﺎت ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﻟﺘﺪرﻳﺐ ﻗﻮاﺗﻪ
ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﮫﺔ أﺧﻄﺎر "اﻟﻜﯿﻤﺎوي". ﻓﻜﯿﻒ ﻟﻪ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ أن ﻳﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ دﻋﻢ ﻣﻌﻨﻮي ﻟﻺدارة اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺻﻌﺒﺎ ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻧﻐﺮس؟!
ﻧﺨﺘﻠﻒ أو ﻧﺘﻔﻖ ﻣﻊ ھﻜﺬا ﺳﻠﻮك، ﻟﻜﻦ ھﺬه ھﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ اﻷردﻧﯿﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷزﻣﺎت واﻟﺤﺮوب اﻟﺘﻲ
ﺷهدتها اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد.
بقلم:فهد الخيطان