المطالبات المتكررة بضرورة الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بالأردن التي امتدت منذ الانتخابات الأخيرة تشكل عامل ضغط كبيرا على الحكومة، فبسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يحياها المواطن الأردني بات قلقا على مستقبله في خضم ما يجري من أحداث متسارعة في الوطن العربي بسبب الظروف المعيشية الصعبة.
الوضع بالأردن ليس كالوضع في تونس ولا كالوضع في مصر، لأن الاستقرار السياسي في الأردن متوفر، ولكن الظروف المعيشية أخذت في التضييق على الفقراء وعلى أصحاب الطبقة الوسطى الذين بدأت ظروفهم تتقهقر وتتراجع إلى أن باتوا جوعى في حين يزداد الأغنياء غنى، وبدأت الفجوة تتسع بين الطبقتين الفقيرة والغنية.
الإصلاح السياسي المطلوب في الأردن يبدأ بابتعاد الوجوه التقليدية التي ملّ الناس منها التي لم نسمع منها إلا التطمينات دون أن نراها تتحرك فعلا باتجاه الإصلاح.
وفي الوقت الذي أكد فيه جلالة الملك أكثر من مرة أن الإصلاح ضرورة، وأن الإصلاح كان يسير ببط، إلا أن الحكومة السابقة والحالية لم تخطوا نحو الإسراع في التغيير والإصلاح بل إن الحكومة الحالية انهمكت في البحث عن وسائل لزيادة أموال الخزينة لسد النقص فيها دون الالتفات إلى ما هو أهم ألا وهو التخفيف عن الشعب، وفي الوقت الذي طالب فيه جلالة الملك ضرورة إيجاد ما من شأنه أن يحافظ على الطبقة الوسطى تضامن رجال الأعمال والمتنفذين في اقتصاد البلد إلى رفع الأسعار لمزيد من خنق الناس، وكأن هناك من يعمل ضد الإرادة الملكية، وباتت الحكومة التي من المفروض أنها تنفذ سياسة الملك بدقة تتخذ قرارات فيها مزيد من التشديد والتضييق، لولا التدخل الأخير من الملك الذي دعا فيه الحكومة إلى التخفيف عن الشعب، فجاء الحل الحكومي بصرف 20 دينارا فقط للحكوميين ما يعني أن الزيادة سيتمتع بها 25 بالمئة من أبناء الشعب الأردني، في حين لا يزال ثلاث أرباع الشعب بانتظار ما يفيدهم، وبالطبع لن يفيدهم إلا تخفيض الأسعار، وعلى الحكومة أن تتحمل مطالب الشعب، وتفرج عنه، فقد جرت العادة أن تلجأ الحكومات إلى فرض الضرائب لسد أي عجز، في حين المطلوب أن تفرج عن الشعب وتضغط نفسها، وأن تعيد رسم الكثير من سياساتها وأن تطلق العنان للإعلام لإبداء الرأي بصراحة ووضوح، وأن تحقق مزيدا من الديمقراطية لكل الأحزاب والكتل السياسية، وأن تبدو أكثر انفتاحا وقربا من الناس والابتعاد عن الجلوس على المقاعد الوثيرة قدوة بجلالة الملك الذي عودنا أن ينزل بنفسه إلى القرى البعيدة للكشف عن حال الناس.
وعلى الحكومة إذا أرادت الإصلاح أن تسارع بفرض الضرائب على الأغنياء الذين يتمتعون بأموال الفقراء، وأن توزع الحكومة تلك الأموال خدمة لكل الأردنيين وليس للموظفين الحكوميين فقط، وعلى الحكومة أن تجتمع بكل فئات المجتمع من مدنيين وعسكريين وأحزاب ونقابات وأن تستمع لهم جميعا، وأن تقدم مقترحا جديدا لقانون انتخاب عصري وديمقراطي ومنفتح على كل القوى، وأن تمد الحكومة يدها للناس، وهذا كله في استطاعة الحكومة، فالناس لا يطالبون بمعجزات، ولا أدري لماذا تصر الكثير من الحكومات على معارضة الشعب؟ أليس من الغريب أن تعمل الكثير من الحكومات ضد إرادة الشعب؟ ففي العادة نرى بعض القوى السياسية تعمل ضد بعض الحكومات لكننا بتنا نرى أن الكثير من الحكومات تعمل ضد ما يريده الشعب، فكيف إذن لا يخرج الناس معتصمين ورافضين السياسات الحكومية.
إننا ونحن نحتفل بذكرى ميلاد جلالة الملك نتمنى من الحكومة أن تقدم للشعب هدية كبرى، إما باستقالتها، وإما بتقديم ما يريده الناس من برنامج إصلاحي واضح ومفصل لا لتسكيت الرغبة الشعبية بالإصلاح إنما للعمل فعلا نحو الإصلاح الذي يريده الملك والذي نريده كشعب.