أخذ التضخـم في الأردن اتجاهاً صعودياً خلال أشهر أيلول وتشرين الأول وتشرين الثاني بالرغم من أن معظـم اقتصاديات العالم وخاصة في أميركا واليابان ما زالت تشـكو من الانكماش .
خلال الشـهور الثمانية الأولى من هذه السنة ارتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة بما مجموعه 15ر2% فقط أي بمعدل سنوي 2ر3% ، مما يوحي بأن التضخم خلال السنة بأكملهـا لن يتجاوز 4% كحد أقصـى.
لكن الشـهور الثلاثة المذكورة أفرزت مؤشـر تضخـم صعودياً غير متوقع ، فقد ارتفع الرقم القياسـي لتكاليف المعيشة بنسبة 39ر1% في أيلول ، ثم 02ر1% في تشـرين الأول ، 1ر1% في تشرين الثاني ، أي بمعدل سـنوي يناهز 14% ، فهل هناك أسباب موسمية أو استثنائية رفعت الأسـعار في هذه الفترة ، أم أن هذا الصعـود يمثل اتجاهاً جديـداً ، مما يعني أن معدل التضخم عن السـنة بأكملها سوف يتجاوز 5% فيأكل جانباً من النمو الاقتصادي الذي كنا نتوقعـه.
الاتجاه التضخمي الجديد يلقي على كاهل المسؤولين عن السياسة النقـدية تحديات جديدة لم تكن مأخـوذة بالحسبان ، فهل يسـتمر سعر الفائدة على الدينار عند المستوى المتدني الراهن الذي يقل عن معدل التضخـم ، أي أن سعر الفائدة الحقيقي سـالب ، أم أن البنك المركزي سـوف يرفع سـلم الفوائد. وكيف يفعل ذلك طالما أن سـعر الفائدة على الدولار أقل من 1%.
في حالة رفع سعر الفائدة على الدينار سـوف تتدفق علينا أموال سـاخنة لمجرد الاسـتفادة من الفرق الكبير في سعر الفائدة في ظل سعر صرف ثابت. كما أن احتياطي البنك المركزي بالدولار سـوف يتضخم حاملاً معه كلفـة عالية يتحملها البنك المركزي وبالتالي الخزينة.
الفرق الملموس في معدل التضخـم بين الدينار والدولار يشـكل ضغطاً على سـعر صرف الدينار باتجاه التخفيض ، في حين أن انخفاض سـعر صرف الدولار وارتفاع أسعار صرف اليـورو والين يدفع بالاتجـاه المعاكس للمحافظة على اسـتقرار القـوة الشرائية للدينار والحيلولـة دون المزيد من التضخم المستورد.
في ظل هـذه العوامل المتعاكسة ، نرجح أن يكتفـي البنك المركزي في الوقت الحاضر بمراقبة تطور الأوضاع إلى أن تبلغ درجة حرجـة تستوجب التدخل بهذا الاتجـاه أو ذاك على ضوء موازنة المنافع والأضرار