إذا ﻛﺎن اﻟﺒﻌﺾ ﺣﺒﺲ أﻧﻔﺎﺳﻪ ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر ﻣﻔﺎﺟﺄة ﻓﻲ ﺧﻄﺎب اﻟﻤﻠﻚ، ﻓﻘﺪ ﺧﺎب ظﻨﻪ. وﻛﺎﻧﺖ ﺳﺮت إﺷﺎﻋﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻋﻦ
ﺧﻄﺎب ﻳﻮﺟﮫﻪ اﻟﻤﻠﻚ ﻟﻸﻣﺔ، ﻳﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﻣﻔﺎﺟﺄة مهمة؛ ﺛﻢ اﺗﻀﺢ أن اﻟﺨﻄﺎب ھﻮ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺗﺨﺮﻳﺞ طﻠﺒﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ
"ﻣﺆﺗﺔ". وﻗﺪ ﻛﺎن ﺧﻄﺎﺑﺎ مهما وﺷﺎﻣﻼ ﻟﻤﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺤﺎور واﻟﻤﻠﻔﺎت اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ، ﻟﻜﻦ ﺑﺪون أي ﻣﻔﺎﺟﺂت؛ ﻻ ﻓﻲ
اﻟﺸﺄن اﻟﺪاﺧﻠﻲ وﻻ ﻓﻲ اﻟﺸﺄن اﻟﺨﺎرﺟﻲ، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﻦ اﻟﺸﺄن اﻟﺴﻮري.
ھﻞ ﻧﺼﺪق أﻧﻪ ﻻ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻓﻲ اﻟﺸﺄن اﻟﺴﻮري؟ ﻧﻌﻢ، أﻧﺎ أﺻﺪق؛ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ إﺑﻘﺎء ﺻﻮارﻳﺦ "ﺑﺎﺗﺮﻳﻮت" ﻓﻲ
اﻷردن. وﻻ أﻋﺘﻘﺪ أن ھﻨﺎك ﻣﺸﺮوﻋﺎ ﻟﺘﺪﺧﻞ ﻋﺴﻜﺮي ﻓﻲ ﺳﻮرﻳﺔ، ﻓﻀﻼ ﻋﻦ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺸﺮوع دوﻟﻲ ﺑﮫﺬا
اﻟﺨﺼﻮص ﻳﺘﺠﺎوز اﻟﻤﻌﻠﻦ ﺑﺈﻧﮫﺎء "اﻟﻔﯿﺘﻮ" ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻠﯿﺢ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ، ﻟﺘﻤﻜﯿﻨﮫﺎ ﻣﻦ وﻗﻒ اﻟﺘﻐﯿﺮ اﻟﻤﺘﺴﺎرع ﻓﻲ ﻣﯿﺰان
اﻟﻘﻮى ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻨﻈﺎم ﻋﻠﻰ أﺑﻮاب "ﺟﻨﯿﻒ2"، ﺣﯿﺚ ﻳﻔﺘﺮض أن ﻳﺘﻢ طﺒﺦ اﻟﺘﺴﻮﻳﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ.
ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق، أﻋﺎد اﻟﻤﻠﻚ ﺑﻮﺿﻮح ﺗﺄﻛﯿﺪ دﻋﻢ اﻷردن ﻟﺘﺴﻮﻳﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﺑﺎﻟﺘﻨﺴﯿﻖ ﻣﻊ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
اﻟﺪوﻟﻲ، ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻔﻆ وﺣﺪة ﺳﻮرﻳﺔ واﺳﺘﻘﺮارھﺎ، واﺳﺘﻤﺮارﻳﺔ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ ﺧﺪﻣﺔ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﻮاطﻨﯿﻦ. وﻣﺜﻞ
ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻻ ﻳﺒﻄﻦ أي ﺗﻮﺟﻪ ﻋﺴﻜﺮي ﻟﺪﻋﻢ اﻹطﺎﺣﺔ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم، ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ؛ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻧﺴﺘﻘﺮئ ﺣﺮﺻﺎ ﻋﻠﻰ
ﺗﻮازن ﻳﺤﻔﻆ اﻟﺪوﻟﺔ، ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر ﺣﻞ ﺳﯿﺎﺳﻲ ﺗﺸﺎرك ﻓﯿﻪ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ واﻟﻨﻈﺎم. وﺑﺎﻟﺘﺤﻠﯿﻞ، ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻘﺪﻳﺮ أن اﻷردن ﻻ
ﻳﺮى أن اﻧﮫﯿﺎر اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻘﺎﺋﻢ اﻵن ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﺑﺪﻳﻞ دﻳﻤﻘﺮاطﻲ وآﻣﻦ، ﺑﻞ اﻟﻤﻨﻈﻮر اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ ھﻮ ﻓﻘﻂ اﻧﮫﯿﺎر ﺷﺎﻣﻞ
ﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ، وﺗﻔﺘﯿﺖ اﻟﻜﯿﺎن اﻟﺴﻮري، وﺣﺮوب ﻓﺌﻮﻳﺔ طﺎﺣﻨﺔ ﺗﻔﺘﺢ ﺑﺎب ﺟﮫﻨﻢ واﻟﺘﻄﺮف اﻷﺻﻮﻟﻲ ﻋﻠﻰ
اﻷردن. وھﺬه ھﻲ اﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﺴﺐ لها اﻷردن، وھﻲ ﻣﺎ أﺷﺎر إﻟﯿﻪ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﻲ اﻟﻔﻘﺮة اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻣﻦ
اﻟﺠﺰء اﻟﺨﺎص ﺑﺴﻮرﻳﺔ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺎب، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻗﺎل: "ﻓﻲ ﻛﻞ ﺗﻌﺎﻣﻠﻨﺎ ﻣﻊ اﻷزﻣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻷردن
وﺷﻌﺒﻨﺎ اﻟﻌﺰﻳﺰ ھﻲ ھﺪﻓﻨﺎ اﻷول واﻷﺧﯿﺮ. وإذا ﻟﻢ ﻳﺘﺤﺮك اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻳﺴﺎﻋﺪﻧﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻛﻤﺎ ﻳﺠﺐ، ﻓﻨﺤﻦ
ﻗﺎدرون ﻋﻠﻰ اﺗﺨﺎذ اﻹﺟﺮاءات اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻤﻲ ﺑﻠﺪﻧﺎ وﻣﺼﺎﻟﺢ ﺷﻌﺒﻨﺎ". واﻟﺨﻄﺮ اﻟﻤﺎﺛﻞ ﻋﻠﻰ اﻷردن ﻟﯿﺲ ﺳﻮى
اﻟﺘﻨﻈﯿﻤﺎت اﻟﻤﺘﻄﺮﻓﺔ، ﻣﻦ "اﻟﻘﺎﻋﺪة" وأﺧﻮاﺗﮫﺎ، اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺎﺣﺖ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻮرﻳﺔ. وإذا اﻧﮫﺎرت اﻟﺪوﻟﺔ ھﻨﺎك، ﻓﮫﺬه
اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ ﻟﻦ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻟﻨﻈﺎم ﺑﺪﻳﻞ دﻳﻤﻘﺮاطﻲ ﻣﻌﺘﺪل، ﺑﻞ ھﻲ ﺗﺮﻳﺪ اﻧﮫﯿﺎر اﻟﺪوﻟﺔ وﺑﻨﺎء ﺳﻠﻄﺘﮫﺎ
اﻟﺤﺮﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺑﻘﻌﺔ ﺗﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﯿﮫﺎ، وﻣﺪ اﻟﺤﺮﻳﻖ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻹﻗﻠﯿﻤﻲ، واﻷردن ﺳﯿﻜﻮن أول اﻟﻤﺴﺘﮫﺪﻓﯿﻦ.
وھﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﻨﻲ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺨﻄﺮ اﻷﻣﻨﻲ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻋﻠﯿﻨﺎ، ﻣﺪ أزﻣﺔ اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ وﺗﻮﺳﯿﻌﮫﺎ، وﺗﺤﻮﻟﮫﺎ ﻣﻦ أزﻣﺔ إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ
ﻣﻌﯿﺸﯿﺔ، إﻟﻰ أزﻣﺔ دﻳﻤﻐﺮاﻓﯿﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ وأﻣﻨﯿﺔ ﻛﺒﺮى ﻻ ﻳﻤﻜﻦ اﻟﺘﻨﺒﺆ ﺑﺘﺪاﻋﯿﺎﺗﮫﺎ.
ﻳﺒﺪو واﻟﺤﺎل ھﺬه، أن اﻟﺴﯿﻨﺎرﻳﻮھﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺒﺸﺮ ﺑﮫﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻦ اﻟﻤﺆاﻣﺮة واﻟﺘﻮرط اﻷردﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﺸﺎرﻳﻊ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ
ﺿﺪ ﺳﻮرﻳﺔ، ﺑﻼ ﻣﻌﻨﻰ. وﻛﻞ اﻟﺘﺮﺗﯿﺒﺎت اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻷردﻧﻲ ﺳﺘﻜﻮن ذات طﺎﺑﻊ دﻓﺎﻋﻲ وﺗﺤﻮطﻲ ﻣﻦ
ﺗﻄﻮرات ﻧﺤﻮ اﻷﺳﻮأ. وﻛﻨﺖ ﻗﺪ اﻗﺘﺮﺣﺖ ﺳﺎﺑﻘﺎ أن ﻳﻄﻠﺐ اﻷردن ﻣﻦ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺨﯿﻤﺎت اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ ﻋﻠﻰ
اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﺴﻮري ﻣﻦ اﻟﺤﺪود، ﻣﻊ أﺧﺬ ﻣﻮاﻓﻘﺔ أطﺮاف اﻟﺼﺮاع؛ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻣﻨﺎطﻖ آﻣﻨﺔ ﻣﺤﺎﻳﺪة ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ دوﻟﯿﺔ، ﻷﻧﻨﺎ ﻻ
ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﺪﻓﻖ اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ، وﻗﺪ ﻧﻀﻄﺮ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻻﺣﻖ إﻟﻰ إﻏﻼق ﺗﺎم ﻟﻠﺤﺪود ﻓﻲ وﺟﮫﮫﻢ. إن
اﻟﺪوﻟﺔ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﻘﺼﺮة ﺑﺼﻮرة ﻏﯿﺮ ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ إذا ﻟﻢ ﺗﺘﺤﻀﺮ وﺗﻀﻊ اﻟﺨﻄﻂ ﻟﻼﺣﺘﻤﺎﻻت اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ، ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﻓﺸﻞ اﻟﺤﻞ
اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ واﻟﺴﻠﻤﻲ، واﻟﺬي ﻟﻸردن ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة وﻗﻮﻳﺔ ﻓﯿﻪ؛ ﻓﻔﺸﻞ اﻟﺤﻞ ﻳﻔﺘﺢ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺳﻊ اﻟﺼﺮاع
اﻟﺪﻣﻮي، وﺷﺒﻪ ﺣﺮب إﻗﻠﯿﻤﯿﺔ طﺎﺋﻔﯿﺔ، وﻟﯿﺲ ﻟﻸردن ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق إﻻ ﻣﺼﻠﺤﺔ دﻓﺎﻋﯿﺔ ﺻﺮﻓﺔ ﻋﻦ أﻣﻨﻪ وﺷﻌﺒﻪ.
وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق نفهم طﻠﺐ اﻷردن إﺑﻘﺎء ﺻﻮارﻳﺦ "ﺑﺎﺗﺮﻳﻮت" ووﺣﺪات ﻓﻨﯿﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺗﺘﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ إزاء أي
ﺗﻄﻮرات ﻣﻘﺒﻠﺔ.
ﺟﻤﯿﻞ اﻟﻨﻤﺮي