بقلم: خالد ابو الخير
مع المرضى الليبيين الذين احتلوا سفارة بلدهم احتجاجاً على قطعها تمويل علاجهم في المملكة ومطالبتهم بإخلاء الاردن قبل 10 حزيران المقبل بعض الحق، وكثير من التجني. هؤلاء في غالبيتهم ليسوا من جرحى الثورة، فعلاج هؤلاء انتهى منذ زمن بعيد، لكنهم فئة أرسلت بحكم علاقاتهم بأزلام في الحكومة المؤقتة ومجالس الثورة، وقوة وساطتهم، وليسوا بحاجة حقا إلى علاج في الخارج، لكنهم أتوا للترفيه والسياحة باسم العلاج.
إبان كنت في ليبيا شاهدت العشرات من المرضى الذين يستحقون حقا الإرسال الى الخارج، ولكن لانعدام حيلتهم وافتقارهم الى علاقات مع القيادات الجديدة التي وصلت الى الحكم، لا يمكنهم السفر للعلاج إلا على حسابهم الخاص، في حين أرسل الى عمان وألمانيا وسويسرا وتونس ومصر آخرون يحظون بالدعم والنفوذ، أجروا عمليات زراعة بسبب العقم، وشفط دهون ونفخ شفايف وتصليح أسنان على حساب الدولة دون أن يرف لهم جفن.
ومن هؤلاء من أمضى أكثر من سنة في الاردن وغيرها من الدول، يتقاضى راتبا أسبوعيا ويأكل وينام ويتفسح ببلاش، وحين تسأله كيف يطاوعه ضميره أن يبقى ويصرف من أموال الدولة يجيبك: ليبيا حرة.
وتذهب أي محاولة لتنظيم هذا العمل أدراج الرياح، فقد صرفت ليبيا المليارات على علاج الجرحى والمرضى ومن هم في معيتهم، من أبناء وزوجات وأصدقاء، بل إن هذا الصرف استنزف ميزانية الدولة الليبية، عدا -طبعا- عمن استفاد لصالح جيبه الشخصي من أموال العلاج من أعضاء اللجان، ومنهم من سرق أموالا بالملايين.
وكثيرا ما سمعنا عن محاصرة السفارة خلال سنة ونصف من الآن، وفي أكثر من مرة، وصولا الى احتلالها، لأن هؤلاء لا يقنعون.. ويريدون المزيد، سواء بتمديد سياحتهم أو بزيادة الصرف عليهم.
لا شك أن من ضمن المرضى الليبيين من يحتاج الى العلاج حقاً، لكن هؤلاء قليلون، فالغالبية هي من النوع الثاني الذين يجدون أموال الدولة الليبية حلالا زلالا لهم، في حين يعجز مرضى حقيقيون عن السفر للعلاج، لافتقارهم للدعم والوساطة، ولان هؤلاء يأخذون أماكنهم ويسطون على حقوقهم، ويرفضون العودة الى بلادهم.
الجرحى من الثوار الذين حاربوا القذافي عولجوا في الاردن وغير الاردن، وعادوا في غالبيتهم الى اوطانهم، بل إن منهم من دفع تكلفة العودة من جيبه الخاص، لافتقار اللجنة إياها الى أموال تسفرهم، ولأنهم افتقدوا للوساطة والكلمة السحرية التي تفتح باب الأموال التي ليس لها حساب.
سواء احتلوا السفارة أو لم يحتلوها، ينبغي أن تجرى عملية غربلة لهؤلاء الذين أتوا للعلاج حقا، وأولئك الذين يقضون لياليهم في سمر "لا يرضي الله"، في سكر وارتياد ملاه ليلية وكباريهات، ويستنزفون أموال وطنهم، وليبيا بأمس الحاجة لها