يوجد في نفس كل شخص عدة مناطق تعيش فيها المتناقضات والتي تتفاوت فيها الغلبة. منطقة الإيمان واليقين والشك والكفر أو الإلحاد بعبارة أخرى منطقة الفضيلة والرذيلة أو الخير والشر، منطقة الظلم والعدل، منطقة الحلم والغضب، منطقة الحب والبغض، منطقة التعقل والتبصّر و الإندفاع أو التهوّر المبني على العاطفة، ومنطقة الجود والكرم والحرص والبخل والتقتير، ومنطقة الإيثار والأنانية أو النرجسية، ومنطقة الثقة بالنفس وإهتزازها، ومنطقة الفروسية والإباء والنذالة والهوان، ومناطق أخرى عديدة يعلمها الناس.
تتصارع المتناقضات أحيانا، وتجنح للسلم أو السكون في أحيان أخرى، وتتفوق أو تنتصر المكوّنات هذه في مناطقها على المكوّنات تلك بصورة مستمرة، والدعم للمتناقض في النفس دائما مرده آلية الإدراك الناجم عن تتبّع خطوات مكونات المعرفة أو لنقل الثقافة بشكلها الواسع. وإذا وهنت وسائل الإدراك، تفوق التناقض المقيت أو الذي يخشاه الناس.
للقلب والعقل كمركزين أساسيين في معمل النفس دور كبير ومحوري، كما للجينات أثرها في العملية سالفة الذكر بشكل عام.
للغيرة والحسد (تمني زوال نعمة الآخر) اللذان يتغذيان عادة على عنصر التخلّف و الجهل، واللذان يكشفان النقص الحاد لفيتامين القناعة والتي تستند الى الإيمان الحقيقي يتولى الشيطان تربيتهما والإعتناء بمخالبها الكاسرة، وهو، أي الشيطان، يروق له ضعف النفس وتقهقرها وإنقيادها نحو مناطق الغرائز الدونية البهيمية الشرسة محرّكاتها المقززة.
يتحرك صغار السن (عادة)، وكبار السن أحيانا نحو مسرح العدوانية من حالة الهدوء أو السكون التي يتميزون بها بسبب مثيرات قوية التأثير تشغّل محركات العنف في داخلهم، وتعطّل عمل الكوابح، وفي بعض الأحيان يميل الإنسان الى العدوانية أو العنف بغض النظر عن المثيرات، وفي هذه الحالة نكون أمام حالة مرضية تستوجب العلاج النفسي. إلا أن المصنّف كحكيم يترك المسألة لذكاء عقله، فلا يجنح ابدا مهما تكالبت المثيرات لأنه يستند الى مبدأ الإتزان على الدوام، وتحصيل الحق بالطرق المشروعة.
أتفهم مسألة قدرة التحمّل المتفاوتة عند الناس. منهم من يتجاوز مسألة وجود أكثر من متناقض سلبي عند الطرف المقابل ويتأقلم مركزا على وجود إيجابيات تروق له، ويبقى على العلاقة الإنسانية، ومنهم من يتوقف عند أول متناقض سالب ويوقف نبض العلاقة، ولا يدع الطرف المقابل فرصة لإعتقادة بأن الطبع يغلب التطبع. من الناس من يعتقد بأن هذه الطريقة (العقوبة) قد تجعل سلوك الطرف الآخر يتحسن، وبالتالي فقرار قطع العلاقة فيه من الإيجابية الشيئ الكثير.
طبعنا يتغير بصورة تلقائية مفاجئة ومثيرة فور تواجدنا في الدول المتقدمة، ثم يتغير بعد العودة فورا. اليس في الأمرغرابة، وفيه ما يدعونا الى معرفة السبب ؟
سأظل أعتقد إعتقادا راسخا بأن أداة الثواب والعقاب هي الأداة الفعالة والقوية لتقويم سلوك الصغار والكبار .