نحن الدولة القوية التي تتمتع بحسّ أمني قلّ نظيره ما بين الدول العربية، نظراً لما يتمتع به رجل الأمن من قوة وذكاء، وتدريب عال نال شهادة الغير من خارج الحدود، وفي مختلف المجالات، والمهام الموكلة إليهم، حتى باتت محاكم العالم الخاصة بالجرائم الجنائية تستنجد بالخبرات الأمنية، والقضائية؛ لأنهم يدركون العزيمة الصلبة التي يتمتع بها القاضي الأردني، والتي لا يمكن لها أن تتزعزع عن نطق كلمة الحق مهما كلّف الثمن.
ونظراً للفوضى الاجتماعية التي تسود البلاد في الآونة الأخيرة، من عنف الجامعات، وجرائم القتل، والتّوسع في سرقات السيارات، والمتاجر، والبيوت وفي وضح النهار بدون حسيب ورقيب، بل شكّل ما يسمى بالمافيات والعصابات المنظّمة، وأخشى أن يتحولوا مع الوقت إلى مكاتب خاصة يتاجرون في بضاعتهم الملوثة على الملا من الناس، ممّا ينّجر وراءهم جيلاً أخر من الشباب والذين يمرّون بطور عمري أحوج ما يكون فيه للإرشاد والتوجيه، وبخاصة ما تشهده مؤسسة البيت، والمدرسة، والجامعة من تراجع مشهود في الأداء، والتطور أثر سلباً على النشء.
ومن حق المواطن على الحكومة ودوائرها الأمنية أن تتكفل في الإفصاح، والبحث، والتحرّي في الكشف عن الجناة مهما علا شأنهم، والذين تسببوا بفقدان الوطن لمجموعة ذهبية من أبناءه طالتهم يدّ الغدر، والخيانة من بين الأهل، والأصدقاء، لأسباب أجزم أن الغاية من بعضها السرقة، والبلطجة والقيام بأدوار درامية بطولية، أو إشباع رغبات مكبوتة سببها عقدة النقص الذي يعاني منها منذ الصغر بحيث لم تجد العلاج الأمني، والتربوي والديني بالسرعة القصوى، ممّا أجج من انتشار هذه الظواهر السلبية، وجعلها سبباً حقيقاً في تفكك المجتمع، وفقدانه للتوازن المطلوب ممّا يؤرخ لمرحلة قادمة قد تفقد فيها السلطة السيطرة على هذا الانفلات المجتمعي الخطير.
لأبد للحكومة أن تسرّع في وضع برامج، وخطط من شأنها تطوير أداء الجهاز القضائي، وتأهيل القضاء والدوائر الأمنية المختصة في الجرائم الجنائية، وتقديم لهم الدعم اللازم في الكشف عن الجرائم بالسرعة القصوى، ويكون ذلك مترافقاً مع تعديل القوانين، والتشريعات والتي فقدت رونقها في ملاحقة الجناة، وإيقاع أقصى أنواع العقوبات بحقهم، ومعاقبة كل من يتواطىء في الكشف عن الحقائق الجرمية مهمّا علا شأنهم، لأن ذلك حق للوطن وليس للشخوص التي تحتمي بالمنصب والجاه.