الدولة المدنية
ظهرت فكرة الدولة المدنية عبر محاولات فلاسفة التنوير تهيئة الارض - فكرياً - لنشأة دولة حديثة تقوم على مبادئ المساواة لترعى الحقوق، وتنطلق من قيم اخلاقية في الحكم والسيادة، ولقد تبلورت فكرة الدولة المدنية عبر اسهامات لاحقة ومتعددة من مصادر مختلفة للعلوم الاجتماعية.
ولكي يبلور المفكرون طبيعة الدولة الجديدة لجاؤ الى تصوير حالة الطبيعة التي تقوم على الفوضة وعلى طغيان الاقوى فهذه الحالة تحكمها مشاعر القوة والغضب والسيطرة، فتفقد الروح المدنية التي تتسم بالتسامح والتساند والتعاون من اجل العيش المشترك.
إن تأسيس الدولة المدنية هو الكفيل بسيادة هذه الروح التي تمنع الناس من الاعتداء على بعضهم البعض من خلال تاسيس أجهزة سياسية وقانونية خارجة عن تأثير القوى والنزعات الفردية أو المذهبية، تستطيع أن تنظم الحياة العامة وتحمي الملكية الخاصة، وتنظم شؤون التعاقد، وتطبق القانون على جميع الناس بغض النظر عن مكانتهم وانتماءاتهم.
تمثل الدولة المدنية إرادة المجتمع، يعني ذلك أن فكرة الدولة تنبع من إجماع الأمة ومن إرادتها المشتركة، وغذا تأسست الدولة المدنية على هذا النحو فإنها تصبح دولة توصف بأوصاف كثيرة من أولها انها دولة قانون.
الدولة المدنية اتحاد من افراد يعيشون في مجتمع يخضع لنظام من القوانين، مع وجود قضاء يطبق هذه القوانين بإرساء مبادئ العدل ، فمن الشروط الاساسية لقيام الدولة المدنية ألا يخضع أي فرد فيها لإنتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر، فثمة دائماً سلطة عليا هي سلطة الدولة ، يلجأ اليها الافراد عندما تنتهك حقوقهم أو تهدد بالإنتهاك.
هذه السلطة هي التي تطبق القانون وتحفظ الحقوق لكل الاطراف ، وتمنع الاطراف من أن يطبقوا اشكال العقاب بأنفسهم ومن ثم فأنها تجعل من القانون أداة تقف فوق الافراد جميعاً، ومن خصائص الدولة المدنية أنها تاسست على نظام مدني من العلاقات التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات والثقة في عمليات التعاقد والتبادل المخلتفة.
إن هذه القيم هي التي تشكل ما يطلق عليه الثقافة المدنية، وهي ثقافة تتأسس على مبدأ الاتفاق ، أي وجود حد أدنى من القواعد التي تشكل خطوط حمراء لا يجب تجاوزها ، على رأسها احترام القانون ( وهو يشكل القواعد المكتوبة ) ، وتأتي بعده قواعد عرفية عديدة غير مكتوبة تشكل بنية الحياة اليومية للناس ، تحدد لهم صورة التبادل القائم على النظام لا الفوضى، وعلى السلام لا العنف، وعلى العيش المشترك لا العيش الفردي، وعلى القيم الانسانية العامة لا على القيم الفردية أو النزاعات المتطرفة.
الدولة المدنية لا تستقيم إلا بشرط المواطنة ، ويتعلق هذا الشرط بتعريف الفرد الذي يعيش على ارض هذه الدولة ، فهذا الفرد لا يعرف بمهنته أو بدينه أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يعرّف تعريفاً قانونياً اجتماعياً بانه مواطن ، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات ، وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين، فإذا كان القانون يأسس في الدولة المدنية قيمة العدل ، وإذا كانت الثقافة المدنية تؤسس فيها قيمة السلام الاجتماعي، فإن المواطنة تؤسس في الدولة المدنية قيمة المساواة.
فالمواطنون سواء أمام القانون ، وهنا لا يجب ان يعيشوا كمواطنين لا مبالين ، بل يجب أن يكون جلهم من المواطنين النشطاء الذين يعرفون حقوقهم وواجباتهم جيداً ويشاركون مشاركة فعالة في تحسين أحوال مجتمعهم بحيث يرقون بمدنيتهم على نحو دائم، ويخلصون اخلاصا كبيراً لكل ما هو عام (الصالح العام)، والملكية العامة ،والمبادئ العامة ، فهم يحرضون دائماً على كل ما يتصل بالخير العام.
الدولة المدنية لها خاصية الديمقراطية التي تمنع من أن تؤخذ الدولة غصباً من خلال فرد أو نخبة أو عائلة ، إن الديمقراطية هي وسيلة الدولة المدنية لتحقيق الاتفاق العام والصالح العام للمجتمع كما أنها وسيلتها للحكم العقلاني الرشيد وتفويض السلطة وانتقالها تتيح الفرصة للتنافس الحر الخلاق بين الافكار السياسية المختلفة، وما ينبثق عنها من برامج إدارة المجتمع والسياسات العامة بأقصى درجات الدقة والاحكام والشفافية والاداء الاداري المتميز النزيه ، والحكم النهائي في هذا التنافس هو الشعب الذي يشارك في انتخابات حرة عامة لإختيار القيادات ونواب الشعب ، لا بصفتهم الشخصية وإنما بحكم ما يطرحونه من برامج وسياسات .
اليمقراطية هي الطريق نحو التقدم الدائم، ولا تتحقق الا بقدرة الدولة على تطوير مجال عام أو ميدان عام ، وهو مصطلح يطلق على مجال النقاش والتداول العام الذي يحقق التواصل الاجتماعي بين الجماعات المختلفة والاراء المختلفة، ويضم المجال العام مجالات فرعية للنقاش والحوار ، تبدأ من الصالونات الفكرية وتتدرج عبر الجمعيات الاهلية والمنتديات والمؤتمرات العامة وصولاً الى النقاشات التي تدور في اروقة النقابات المهنية وجماعات الضغط والحركات الاجتماعية والاحزاب السياسية، وهذا الميدان العام يحافظ على استقلاله، بحيث يكون قادرا على طرح افكاره على نحو موظوعي ومحايد، فالمجال العام هو الذي يلهم المجتمع الاساليب القويمة في التفكير والتدبر العام والتواصل الجمعي، إنه يحول المناقشات المتفرغة الى مناقشات تصب في هدف عام، وتتم وفق قواعد وأصول عقلية بحيث لا يتحول النقاش الى فوضى ، طالما انه يقوم على العقل والبصيرة والتدبر والقدرة على التفاوض وتقديم الحلول والمرونة في الاستجابة لأفكار الاطراف الاخرى.
ويتأسس المجال العام بجانب عملية التدبر العقلي والتفاوض على ما يطلق عليه الفعل التواصلي أو الاتصالي ، انه الفعل الذي يقوم على احترام افعال الاخرين وافكارهم ، والاستجابة اليها على نحو عقلاني بحيث يتجه النقاش صوب المصلحة العامة دون إحداث صخب أو ضوضاء أو عنف أو تنافر أو تنابذ أو رفض.
وأخيراً، إن الدولة المدنية (المحترمة) هي التي تضع مواطنيها وكرامتهم داخل الوطن وخارجه على قائمة الاولويات ، اما الكيان القزمي الذي يجعل من المواطن وكرامته وحقوقه داخل الوطن وخارجه آخر الاولويات هو من مسؤوليه الاقزام الرخصين.
ظهرت فكرة الدولة المدنية عبر محاولات فلاسفة التنوير تهيئة الارض - فكرياً - لنشأة دولة حديثة تقوم على مبادئ المساواة لترعى الحقوق، وتنطلق من قيم اخلاقية في الحكم والسيادة، ولقد تبلورت فكرة الدولة المدنية عبر اسهامات لاحقة ومتعددة من مصادر مختلفة للعلوم الاجتماعية.
ولكي يبلور المفكرون طبيعة الدولة الجديدة لجاؤ الى تصوير حالة الطبيعة التي تقوم على الفوضة وعلى طغيان الاقوى فهذه الحالة تحكمها مشاعر القوة والغضب والسيطرة، فتفقد الروح المدنية التي تتسم بالتسامح والتساند والتعاون من اجل العيش المشترك.
إن تأسيس الدولة المدنية هو الكفيل بسيادة هذه الروح التي تمنع الناس من الاعتداء على بعضهم البعض من خلال تاسيس أجهزة سياسية وقانونية خارجة عن تأثير القوى والنزعات الفردية أو المذهبية، تستطيع أن تنظم الحياة العامة وتحمي الملكية الخاصة، وتنظم شؤون التعاقد، وتطبق القانون على جميع الناس بغض النظر عن مكانتهم وانتماءاتهم.
تمثل الدولة المدنية إرادة المجتمع، يعني ذلك أن فكرة الدولة تنبع من إجماع الأمة ومن إرادتها المشتركة، وغذا تأسست الدولة المدنية على هذا النحو فإنها تصبح دولة توصف بأوصاف كثيرة من أولها انها دولة قانون.
الدولة المدنية اتحاد من افراد يعيشون في مجتمع يخضع لنظام من القوانين، مع وجود قضاء يطبق هذه القوانين بإرساء مبادئ العدل ، فمن الشروط الاساسية لقيام الدولة المدنية ألا يخضع أي فرد فيها لإنتهاك حقوقه من قبل فرد آخر أو طرف آخر، فثمة دائماً سلطة عليا هي سلطة الدولة ، يلجأ اليها الافراد عندما تنتهك حقوقهم أو تهدد بالإنتهاك.
هذه السلطة هي التي تطبق القانون وتحفظ الحقوق لكل الاطراف ، وتمنع الاطراف من أن يطبقوا اشكال العقاب بأنفسهم ومن ثم فأنها تجعل من القانون أداة تقف فوق الافراد جميعاً، ومن خصائص الدولة المدنية أنها تاسست على نظام مدني من العلاقات التي تقوم على السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات والثقة في عمليات التعاقد والتبادل المخلتفة.
إن هذه القيم هي التي تشكل ما يطلق عليه الثقافة المدنية، وهي ثقافة تتأسس على مبدأ الاتفاق ، أي وجود حد أدنى من القواعد التي تشكل خطوط حمراء لا يجب تجاوزها ، على رأسها احترام القانون ( وهو يشكل القواعد المكتوبة ) ، وتأتي بعده قواعد عرفية عديدة غير مكتوبة تشكل بنية الحياة اليومية للناس ، تحدد لهم صورة التبادل القائم على النظام لا الفوضى، وعلى السلام لا العنف، وعلى العيش المشترك لا العيش الفردي، وعلى القيم الانسانية العامة لا على القيم الفردية أو النزاعات المتطرفة.
الدولة المدنية لا تستقيم إلا بشرط المواطنة ، ويتعلق هذا الشرط بتعريف الفرد الذي يعيش على ارض هذه الدولة ، فهذا الفرد لا يعرف بمهنته أو بدينه أو بإقليمه أو بماله أو بسلطته، وإنما يعرّف تعريفاً قانونياً اجتماعياً بانه مواطن ، أي أنه عضو في المجتمع له حقوق وعليه واجبات ، وهو يتساوى فيها مع جميع المواطنين، فإذا كان القانون يأسس في الدولة المدنية قيمة العدل ، وإذا كانت الثقافة المدنية تؤسس فيها قيمة السلام الاجتماعي، فإن المواطنة تؤسس في الدولة المدنية قيمة المساواة.
فالمواطنون سواء أمام القانون ، وهنا لا يجب ان يعيشوا كمواطنين لا مبالين ، بل يجب أن يكون جلهم من المواطنين النشطاء الذين يعرفون حقوقهم وواجباتهم جيداً ويشاركون مشاركة فعالة في تحسين أحوال مجتمعهم بحيث يرقون بمدنيتهم على نحو دائم، ويخلصون اخلاصا كبيراً لكل ما هو عام (الصالح العام)، والملكية العامة ،والمبادئ العامة ، فهم يحرضون دائماً على كل ما يتصل بالخير العام.
الدولة المدنية لها خاصية الديمقراطية التي تمنع من أن تؤخذ الدولة غصباً من خلال فرد أو نخبة أو عائلة ، إن الديمقراطية هي وسيلة الدولة المدنية لتحقيق الاتفاق العام والصالح العام للمجتمع كما أنها وسيلتها للحكم العقلاني الرشيد وتفويض السلطة وانتقالها تتيح الفرصة للتنافس الحر الخلاق بين الافكار السياسية المختلفة، وما ينبثق عنها من برامج إدارة المجتمع والسياسات العامة بأقصى درجات الدقة والاحكام والشفافية والاداء الاداري المتميز النزيه ، والحكم النهائي في هذا التنافس هو الشعب الذي يشارك في انتخابات حرة عامة لإختيار القيادات ونواب الشعب ، لا بصفتهم الشخصية وإنما بحكم ما يطرحونه من برامج وسياسات .
اليمقراطية هي الطريق نحو التقدم الدائم، ولا تتحقق الا بقدرة الدولة على تطوير مجال عام أو ميدان عام ، وهو مصطلح يطلق على مجال النقاش والتداول العام الذي يحقق التواصل الاجتماعي بين الجماعات المختلفة والاراء المختلفة، ويضم المجال العام مجالات فرعية للنقاش والحوار ، تبدأ من الصالونات الفكرية وتتدرج عبر الجمعيات الاهلية والمنتديات والمؤتمرات العامة وصولاً الى النقاشات التي تدور في اروقة النقابات المهنية وجماعات الضغط والحركات الاجتماعية والاحزاب السياسية، وهذا الميدان العام يحافظ على استقلاله، بحيث يكون قادرا على طرح افكاره على نحو موظوعي ومحايد، فالمجال العام هو الذي يلهم المجتمع الاساليب القويمة في التفكير والتدبر العام والتواصل الجمعي، إنه يحول المناقشات المتفرغة الى مناقشات تصب في هدف عام، وتتم وفق قواعد وأصول عقلية بحيث لا يتحول النقاش الى فوضى ، طالما انه يقوم على العقل والبصيرة والتدبر والقدرة على التفاوض وتقديم الحلول والمرونة في الاستجابة لأفكار الاطراف الاخرى.
ويتأسس المجال العام بجانب عملية التدبر العقلي والتفاوض على ما يطلق عليه الفعل التواصلي أو الاتصالي ، انه الفعل الذي يقوم على احترام افعال الاخرين وافكارهم ، والاستجابة اليها على نحو عقلاني بحيث يتجه النقاش صوب المصلحة العامة دون إحداث صخب أو ضوضاء أو عنف أو تنافر أو تنابذ أو رفض.
وأخيراً، إن الدولة المدنية (المحترمة) هي التي تضع مواطنيها وكرامتهم داخل الوطن وخارجه على قائمة الاولويات ، اما الكيان القزمي الذي يجعل من المواطن وكرامته وحقوقه داخل الوطن وخارجه آخر الاولويات هو من مسؤوليه الاقزام الرخصين.