طفت على السطح وبسرعة البرق إشاعة تتحدث عن عجز في الرواتب لموظفي الدولة لشهر أب القادم وسرت كما تسير النار في الهشيم ومفادها أن الدولة الأردنية أصبحت عاجزة ماليا عن تدبر أوضاعها الاقتصادية والأبرز فيها عدم القدرة على تدبر رواتب موظفيها للشهر الأنف الذكر والذي لا يفصلنا عنه ألا القليل .
سرب هذا الخبر من وكالات أجنبية وكان الخبر مصاغ بعناية فائقة ومدروسة ,والتقط من الجميع فمن كان يضمر للبلد العداء فرح به وزاده تهويلا ,ومن كان قلبه على البلد أوغل قلبه خيفة على المصير المجهول الذي بدء يلوح في الأفق كما تقول الشائعات ولم يدر بخلدهم أن هناك أهداف ومغازي ترنو أليها مثل هذه الرسائل من حرب نفسية تهز الاقتصاد الأردني وتربك شعبه ليتسلل أليهم الخوف وبالتالي يسلمون رقابهم لمخططات مرسومه والقبول بها دون أدنى نقاش أو على الأقل يتنحون جانبا عن الوقوف في طريق تنفيذها خصوصا أن ساهم الطابور الخامس القابع بين ظهرانينا في نما تلك الشائعات وجعل تصديقها أمر سهل ,فيجد كل المغرضين المكان مرتعا خصبا لنفث سمومهم .
الجميع يعرف أن وضعنا الاقتصادي ليس بالمأمول ولكنه لم يصل لذلك الحد الذي يوصف به الآن ,فالدولة الأردنية ورغم كل الهزات الاقتصادية التي تعرضت لها وسلسلة الهجرات المتتابعة التي يممت صوبها لم تكن هشة لتنهار عند مثل تلك خزعبلات ,دولة على طول أيامها واجهت عواصف اشد ضراوة مما تقع تحت وطاء ته ألان ولكنها تخرج منها اشد صلابة من ذي قبل فلم تخر قواها بل اشتد عودها وعادت أقوى شكيمة وباس من ذي قبل ,كيف لنا أن نصدق مثل تلك روايات وهي من قاومت ولازالت تقاوم عتاولة الفساد الذين اعملوا حرابهم في جسد الوطن ولكن الوطن كل مرة يخرج أقوى منهم جميعا ,الأردن دولة مؤسسات يعرف كيف يؤمن الخلاص لنفسه وان خذله الأغلب من وزراء تخطيطه ,الأردن بلد صامد كشموخ رجاله وقوي كصلابة جباله ولم يكن كقشة تطير مع أول زوبعة فهو قوي بأبنائه الذين يتعاضدون لأجله في الملمات فلن يخذلونه سواء ما قيل حقائق أو كان من نسج خيال من خلف تلك الإشاعات .
الأردن شئنا أم أبينا وافقنا المسئولين أم عارضونا بلد يعوم على بحر من الخيرات بدء من النفط وصخره الزيتي مرورا بالغاز واليورانيوم والذهب والمنغنيز والبوتاس والفوسفات وانتهاء بالنحاس المغيب لأجل عيون غزالين وبعض من (القراقع) لتتحسن صورتنا البيئة عالميا وهي الأشد قتامه محليا ,وهذا الكلام ليس نسج خيالي بل تؤيده نشرات صادرة حديثا عن دائرة معنية بهذا الأمر ألا وهي سلطة المصادر الطبيعية سمعته على لسان احد مذيعي إذاعاتنا المحلية في برنامجه الشعبي الصباحي .
ومن جانب أخر فأننا قد لا نبري ساحة الحكومة من تسريب تلك الإشاعات وان اختيارها لوكالات أجنبية قد دبر بعناية من اجل إضفاء مصداقية لخبرها لأنها تعلم أن المواطن يصدق ويثق بكل ما هو أجنبي ليس لكونه أجنبي بل لفقدان الثقة بالأعلام المحلي ,فان صدق مثل هذا الحدس فأنها هفوة جديدة لا تغتفر للحكومة في أرشيفها المتخم بالهفوات لأنها أرعبت مواطنها الذي لازال يتلقى الصدمة تلو أختها ,لكن كيف لنا أن نصدق تلك الأضغاث وقد دخل الخزينة هذا العام وبأشهره القليلة التي مضت ما يزيد عن ثلاثة مليارات دولار تعادل نصف الموازنة لعام كامل ,فقد انهالت علينا القروض من صندوق النقد الدولي ومن العربية السعودية وباقي دول الخليج ولا ندري ما هو الثمن المستقبلي الذي سندفعه مقابل ذلك ,أم أنها ذريعة جديدة من اجل رفع أسعار الخبر والماء والكهرباء ,من اجل أن ترتق فتق افتعله نفقاتها التي تسير بسرعة الصوت بدون رادع ,فهل يستحق الشعب منك يا حكومة ضربتين مزدوجتين اقلهما مميتة الأولى تدفعيه لتصديق أمر غير موجود وهو فراغ خزينته لتحققي الضربة الثانية وهو رفع أسعار الخبز والماء والكهرباء والمواطن فاغر فاه من صدمته الأولى ,
كل ما يحدث وحدث ومخطط لحدوثه هو إجرام بحق المواطن سوا سرب الخبر بعلم حكومته أو دونها ,لأنها أن كانت تعلم فهذه مصيبة وان كانت لا تعلم فان ردها الخجول والذي جاء على استحياء وبه شيء من الطلاسم لهو مصيبة أعظم تضاف من خلاله لبنة جديدة من انعدام الثقة بين الحكومة ومواطنيها لتضاف لطود من غياب الثقة أصبحت رواسيه شامخات .
حمى الله الوطن من أعداءه ودرء عنه المتلاعبين بأمن وقوت شعبه وقيض له من كانت قلوبهم تحمل حبا له لا ضغينة عليه .