أزف الرحيل.. دولة الرئيس مع بدء إيقاع الماكينة الإعلامية الرسمية للترويج لقرارات اقتصادية قادمة، أو ما يطلق عليها في العرف الاقتصادي سياسة شدّ الأحزمة، ولعلنا نشاهد دولة الرئيس في الأيام القادمة يطلّ علينا عبر الفضائيات المحلية، والعربية، ساعياً لإقناع الشعب أننا أوشكنا على الهلاك، ولابدّ لوقفة وطنية جادة، تنقذ الوطن من الضياع ، وربما ـ لا سمح الله ـ الانتحار، أو نعيّ الدينار.
ما سرّ التسريبات الإعلامية ؟ التي اختارت الصحف العربية، لتبشّر الشعب الأردني أن المخزون المالي بالفعل أشرف على النفاذ، وأن خزائن وزارة المالية لا يمكن لها أن تتحمل رواتب موظفو الدولة في ظل هذا التقهقر الاقتصادي، من الذي يسوّق هذه المعلومات للصحف والمواقع الالكترونية؟ في ظل صمت حكومي غريب، أو ردّ خجول لا يرتقي للنفي المطلق، لما لا يخرج دولة الرئيس عبر الوسائل الإعلامية ويفنّد هذه الأقاويل الإعلامية التي تتسارع وتيرتها بين الحين والأخر.
يعلم الشعب جيداً، أن الحكومات قاطبة في حال فشل برامجها الاقتصادية، أو مشاريعها التنموية، أو إيقاف هدر المال العام، سوف تلجأ لجيوب الكادحين والفقراء من أبناء الوطن، لأنها السياسة الأسرع في إنقاذ الخزينة من الإفلاس، وربما ترفدها بمخزون مالي لسنوات قادمة، وهي تعلم مسبقا تبعات هذا القرار لأسابيع قادمة، قد تكون محمّلة بالغضب الشعبي، والعويل والصياح، وربما يبدأ مسلسل الانتحار، وقطع الطرقات من جديد، لكن بالطبع تراهن على البعد الوطني للمواطن القاطن في البوادي والأرياف، والمخيمات، والوطن بأكمله، وأنها تدرك تماماً غيرته على وطنه تفوق غيرة الفاسدين والمتنفذين الذي يرقبون الوطن وهم في أبراجهم العاجية.
لم تقدم الحكومة الحالية، أي بدائل تذكر لإيقاف العجز المتفاقم في الخزينة وشركة الكهرباء سوى أحلام وردية ومشاريع ما زالت على آرائك الحكومات تنتظر التوقيع والتدشين وقد نغادر هذه الدنيا قبل الاحتفال الأسطوري بقص شبر الافتتاح الذهبي لها، وسياسات ضريبية مازالت تخنق جيوب الفقراء والمساكين، بينما باق القطاعات المخملية مازالت تنعم بالإرباح، كالبنوك، والشركات التعدينية، والمنتجعات السياحية.
ماذا قدّمت دولة الرئيس؟ من حلول واقعية لإنقاذ الوطن من شبح الظلام، ولما لا يعود الفاسدون لرشدهم ؟ويضحوا كما ضحى الفقراء والمساكين بقوت أبناءهم، ليبقى الوطن عزيزاً، عصياً على الطامعين.
حان الوقت لسياسات جراحية عاجلة قد تطال أصحاب النفوذ والثروات، لأن الوطن ليس فندقا يتنعّمون فيه في الرخاء ويغادرونه في الشدّة.