وسوى الروم خلف ظهركَ رومٌ
فعلى أيّ جانبيك تميلُ؟ المتنبي حسم العدوان الصهيوني على مواقع عسكرية وعلمية في دمشق وجوارها، حول طبيعة الأزمة السورية؛ لا علاقة لها بالتغيير الديموقراطي ولا حتى بالصراع المذهبي المتعفّن، وإنما بضرب قوى الممانعة والمقاومة في المنطقة، والتمهيد لتصفية القضية الفلسطينية تحت سقف المبادرة القطرية التي تجاوزت كل المبادرات السابقة في تقديم التنازلات المهينة للعدو الإسرائيلي. في العواصم " العربية" ليس سوى الصمت الرسمي المريب والابتهاج الحاقد، يؤججه الطائفيون المزدهون بالحليف اليهودي الذي دخل على الخط ل" نصرة الثورة السورية". الآن واشنطن وتل أبيب والمعتدلون العرب والإخوان المسلمون والسلفيون الجهاديون، جميعهم في خندق واحد، يقاتلون أسد الشام القابض على جمر العروبة والسيادة والمقاومة ضد الحلف الصهيوني ـ التكفيري. هناك الآن ثلاثة أهداف مشتركة تجمع الأميركيين والإسرائيليين والرجعية العربي والطائفيين والأتراك العثمانيين، هي: لجم إيران وإسقاط النظام السوري ومحاصرة حزب الله، لكن، لدى النجاح في تحقيق هذه الأهداف، فسوف تذهب إسرائيل نحو تحقيق أهدافها الخاصة: تصفية القضية الفلسطينية في صيغة الكونفدرالية ـ الوطن البديل في الأردن، وابتلاع الجولان، وتجديد احتلال أجزاء من الجنوب اللبناني، وفرض شروطها في مجال استثمارات النفط والغاز في هذا البلد. تكشف صحيفة " يدعوت أحرونوت" الإسرائيلية عن الجهود الناجحة لوزيري الخارجية والدفاع الأميركيين، جون كيري وتشاك هاغل، لتكوين محور يضم إسرائيل وتركيا و السعودية والإمارات والأردن والسلطة الفلسطينية، في مواجهة إيران. وفي الاتجاه نفسه، يؤكد المستشار العسكري لخامنئي، اللواء يحيى رحيم صفوي، "وجود مخطط أميركي إسرائيلي تركي سعودي قَطري لإسقاط الأسد، قبل الانتخابات الإيرانية، في 14 حزيران المقبل". ولم يسم صفوي، الإمارات بالاسم، كما أنه اكتفى بالقول إن الرياض تسعى " لاستدراج" الأردن للمشاركة في ذلك المخطط يمكن للمرء أن يستنتج أن انتخابات إيرانية تتم بعد سقوط النظام السوري ومحاصرة حزب الله، سوف تؤدي إلى فوز القوى "الأكثر اعتدالا" في إيران، وتمهّد أمامها السبيل للتعاون مع الغرب، ومهادنة إسرائيل. بالخلاصة، للأتراك وعرب الخليج وتركيا وإسرائيل، مصلحة مشتركة في قص الأجنحة الإيرانية وتركيع طهران، من خلال عملية حربية لإسقاط الأسد، وعزل حزب الله، وإشعال الحرب المذهبية لإغراق العراق، مجددا، في مستنقع الفوضى والتمزّق. وهو ما سيحقق هدفا أكبر هو منع روسيا من التحوّل قطبا عالميا، ومن ثم مهاجمتها، بالإرهاب، في عقر دارها.. الخطة المعادية تتكون من عمليتين، أحداهما قائمة ويتم تطويرها. وهي تدريب عصابات المسلحين، وتزويدها بالرجال والمال والأسلحة النوعية. وجرى توسيعها ، مؤخرا، كما جرى العمل على تفجير الوضع الداخلي في العراق، وصولا إلى الانهيار الأمني في المحافظات المحاذية لسوريا، وتمكين الإرهابيين من التواصل عبر الحدود. وبينما يتم، منذ سنتين، تزويد العصابات بأسلحة مختلفة، فإن القرار بشأن السلاح النوعي، لم ينفذ بعد، ربما بانتظار تكوين قوة موالية ومنضبطة، لاستلامه. العملية الأخرى، تتمثل في تدمير القدرات العسكرية السورية بواسطة الضربات الجوية. وبما أن الولايات المتحدة وحلفاءها غير قادرين على التحشيد لهكذا مهمة، وبما أن الصين وروسيا سوف تمنع صدور قرار أممي لقصف المواقع السورية، فقد تم إيكال المهمة إلى دولة إقليمية مارقة، إسرائيل. الولايات المتحدة التي ما تزال غارقة في عقدة الحرب العراقية، لا تستطيع أن تتجاهل، أيضا، موازين القوى الجديدة على المستوى الدولي، مما أعاد الاعتبار للقوة الإقليمية الإسرائيلية التي تتميز بقدراتها العسكرية وتقاليدها في عدم الامتثال للشرعية الدولية، بالإضافة إلى حاجتها الذاتية إلى استعادة الردع والهيمنة، اللتين دمّرهما حزب الله في 2006. وهذا هو السبب الذي حوّل باراك أوباما إلى نسخة من جورج بوش الابن، ودفعه إلى مصالحة نتنياهو وتجسير الخلاف الثانوي بين رئيس وزراء العدو الصهيوني ورئيس وزراء العدو العثماني. نجاحات الجيش العربي السوري في القضاء على أوكار الإرهاب، سرّع ساعة الصفر للهجوم الإسرائيلي، ووضع الجميع أمام الخيار: خندق دمشق أو خندق تل أبيب. الكثيرون ـ بما يوجع القلب ـ اختاروا العدو على الشقيق، لكن سيعلم الذين ظلموا أي منقلب سينقلبون. سورية ستصمد وتنتصر وإلى جانبها الأحرار الذين ما تزال العروبة تنبض في قلوبهم، والرد سيكون شاملا؛ روسيا وإيران وحزب الله في المعركة، والمعركة طويلة، معركة تطهير الأمة من يهود الداخل. |
||
ناهض حتر يكتب: في خندق دمشق أو في خندق تل أبيب؟
أخبار البلد -