جمال الشواهين
إغلاق جامعات الجنوب كافة وتحويل من يستحقّ من طلبتها إلى الجامعات الأخرى، أو وقف القبولات بها تماما حتى يتخرّج آخر طالب فيها هو الحل لوقف مسلسل الاستهتار بالقيم والأخلاق والهوية الوطنية، ولا ينبغي أبدا لوزير التعليم العالي الشيخ الكبير سناً وقدراً أن يكتفي بإصدار بيان يدين أحداث جامعة الحسين فقط رغم أنّ الضحايا بقدر غير مسبوق كدفعة واحدة, إلاّ لجهة أحداث عام 1986 في جامعة اليرموك وشتان بين العشائرية التافهة والسياسة المتحمسة.
فلم يعد خافيا على أحد أنّ مستويات جامعات الجنوب العلمي من التدني الكبير جدا، بدلالة معدلات القبول الأدنى عن الجامعات الحقيقية وسبل القبول الأخرى لمن لا يستحق أساسا لعدم كفايته وقدراته التي أثبتها بالمدرسة ويؤكدها علناً في الجامعة، والكارثة أنّ مثل هؤلاء يحصلون على الشهادة الجامعية في النهاية "مكافأة شر". وبهذا فقط, تتخرج من هذه الجامعات أجيالا مشوّهة علماً وقدرات إلى جانب قلّة من الجيدين يكون جزءا منهم ضحايا جهل وعنجهية زملاء لهم عنوة.
القصة لم تعد أبدا مسألة عنف في الجامعات، ولو أنّه كذلك حقاً لاقتصرت الأسباب على النشاطات الطلابية, وهذه لم تستوجب يوما أسلحة واستعدادات قتالية, وهي على ما هي عليه الآن مجرد ثقافة دخيلة على الأعراف العشائرية حوّلت الجامعات إلى ساحات قتال, وليس غريبا أن تكون أحداث جامعة الحسين لأسباب خلافية بين عشيرتين اختارتا أن تكون الجامعة ميدانا للتحدي وتصفية الحسابات.
الجامعات في العالم منارات علم, ولها ترتيب بالمستوى عالميا تتابعه منظمة اليونسكو ومؤسسات علمية وبحثية عديدة، ترى أين تقع جامعات الجنوب في هذا الترتيب؟ وأيضا, كم عدد حملة درجة برفسور فما فوق فيها، وكم عدد مراكز البحث، وأيّة مشاركات علمية عالمية لها، والأسئلة تطول ليتأكد للجميع إن كانت هذه جامعات حقا. والحال ينطبق على جامعات أخرى في هذا المعنى، وينبغي أن تنطلق المعالجة على أساس بناء كفاءة الجامعة ومستواها المنشود كإستراتيجية ذات أولوية من ضمنها نوعية الطلبة وبعدها بإشراكهم فيها.
أسوأ ما في المشهد رؤساء للجامعات احتلّوا مناصبهم بالواسطة أو ربما "خاوة" وهذا واحد من أهم الأسباب لما يجري في الجامعات عموما، ومثله بهرجة احتفالات التخرج العبثية بامتياز.