يعيش الاردن تحديات كبيرة سياسية واقتصادية وأمنية فرضتها عليه التحولات الجارية في الوطن العربي منذ انطلاقة ما يسمى بالربيع العربي والذي بدأنا نشهد آثاره السلبية في العديد من دولنا العربية.
نحن ندرك ان الربيع العربي قام فيه شبابنا العربي لغايات سامية ونبيلة لكن صراعات القوى السياسية الدينية والمدنية حولته الى فوضى عارمة وحتى هذه اللحظة لم يسفر ربيعنا العربي عن شيء بل فاقم وراكم مشاكلنا.
ونحن في الاردن عشنا تجربة الربيع العربي منذ عامين ولا زلنا واستطعنا بحنكة جلالة الملك عبدالله الثاني السياسية ورؤيته الثاقبة في تقدير الأمور ووعي أبناء الوطن استطعنا بفضل الله تعالى ان نحول ربيعنا العربي الى ربيع اخضر ازهر اصلاحات سياسية شاملة قادها جلالته في مختلف المجالات فرغم المظاهرات والاعتصامات التى جرت وقدرعددها بالآلاف الا ان نقطة دم اردني واحد لم تسقط.
لقد آمن جلالته بان الشعوب يجب ان تقول رأيها في مختلف قضايا وطنها وان من حقها ان تقدم الافكار والاراء التى من شأنها ان تُعلي الوطن لذلك كان جلالته يقف على اراء الجميع ويستمع للجميع ويحاور الجميع حول مختلف قضايا الوطن وتطلعات ابناء الوطن.
لقد كان جلالته بمثابة الأب للجميع وعلى مسافة واحدة من الجميع «موالاة ومعارضة «وحاور الحراك الشعبي بكل تلاوينه وأطيافه وأجرى كل هذه الحوارات بمسؤولية وهمة عالية وطرح رؤيته لمستقبل الاردن من خلال الاوراق النقاشية الثلاث ووضع خارطة طريق لتنفيذ الاصلاحات الشاملة خارطة واضحة المعالم ومحددة بمدد زمنية قابلة للتنفيذ وبدء السير بتنفيذها وصولا بالأردن الى الدولة الانموذج.
ولكن ورغم وضوح الرؤيا لمستقبلنا الا ان التحديات التى تواجه الاردن تكبر وهذه التحديات هي تحديات خارجية فرضتها علينا الاحداث التى تجري حولنا، لكن الاخطر منها التحديات الداخلية.
وفي هذا الاطار دعونا نتحدث بصراحة اكثر ونقول ان هناك مؤامرة على الاردن وقيادته بدأت أولا منذ الحديث عن طرح اسم سمو الامير حمزه كبديل للنظام وكان الغرض من هذا الطرح زرع بذور الفتنة داخل الاسرة الواحدة والمجتمع الاردني بهدف خلق الفوضى العامة التى تجعل من الاردن ارضية رخوة تمر من خلالها كافة المؤامرات التى تحاك ضده.
واستمرت هذه التحديات وتمثلت برفض العديد من احزاب وقوى مجتمعية القبول بالإصلاحات السياسية والاقتصادية التى تحققت حتى اللحظة بإرادة من جلالته وكل ذلك دون تقديم مبررات ومسوغات مقنعة لهذا الرفض الامر الذي عمل على استمرار حالة الفوضى التى نشهدها احيانا.
وأمام كل ما يجري الان تطرح تساؤلات كبيرة وكثيرة مفادها هل من المعقول أو الممكن بكل بساطة ان يقدم قائداً يتمتع بالشجاعة والفروسية وصدق المشاعر والانتماء لوطنه وأمته كجلالة الملك عبدالله الثاني ان يقدم على الإساءة لكل من حوله وأبناء وطنه واصدقائه وإخوانه في العالم العربي والعالم أجمع ويعمل على تشويه سمعته الطيبة وصورته الجميلة التى يعرفها القاصي والداني في كل بقاع الارض.
إن محاولات النيل من وطننا وقيادتنا إنما هي مؤامرات تحاك في الظلام الدامس ترسمها أياد ٍ مرتجفة تسللت إلينا وما فتئت تعمل ما استطاعت من أجل تقويض وهدم استقرارنا وأمننا وتلاحمنا ووحدتنا الوطنية تبث سمومها في توقيتات مدروسة.
وإنني هنا أطرح تساؤلات على أبناء وطني ماذا نريد هل نريد تقويض أمننا واستقرارنا والتفريط بهما ؟ هل نريد ربيعاً تسفك فيه الدماء ويقتل فيه الابرياء ويدفع ثمنه المؤمنون بوطنهم وقيادتهم؟هل نستطيع ان نتحمل في الاردن حالة الفوضى والدمار التى يعاني منها اشقاؤنا في العديد من دولنا العربية؟ هل المطلوب حتى نحقق رغبات المتآمرين علينا وعلى وطننا وقيادتنا وأن ندخل في أتون الاقتتال الجهوي والاقليمي؟ وهل المطلوب ان نضحي بكل ما حققناه لوطننا ولاستقرارنا السياسي والاجتماعي والامني والاقتصادي؟ انها اسئلة مطروحة على كل شرفاء الوطن المنافحين عنه في كل الظروف والاوقات والمواقع.
ومن منطلق إيماني بوطني ومليكي،أقول وبكل ثقة ان جلالة الملك في قلوب الاردنيين جميعاً، يفدونه بدمائهم وارواحهم،وسيبقى جلالته على الدوام مرجعيتنا جميعاً في وطن المهاجرين والانصار،فهو صمام الامان لوطننا الذي نحميه بأهدابنا،فجلالته حافظ هويتنا الوطنية الجامعة ووحدتنا المقدسة.
إننا في الاردن لا نريد من يفسر ويشرح لنا كيف يفكر جلالة الملك، وما هي طبيعة العلاقة بينه وبين شعبه،فهو الحريص على إدامة أمنهم واستقرارهم، وهو الذي يوصل الليل بالنهار، خدمة لقضاياهم وقضايا الوطن، وهو الذي لم ينقطع يوماً عن التواصل مع كافة أبناء الوطن، في البوادي والقرى، والمخيمات والارياف والمدن،لتلمس همومهم والوقوف على حاجاتهم، ومداواة جروحهم.