|
|||
رغم الوعود الصريحة القاطعة بإغلاق ملف المطلوبين لمحكمة أمن الدولة بتهم المشاركة في الحراك الشعبي ضد السياسات الاقتصادية النيوليبرالية والفساد، فإن كل شيء بقي على حاله، وما يزال الشباب المناضلون في سبيل الخبز والحرية، مطلوبين في قضايا تمس فئات النهب والهدر والتهرّب الضريبي، بينما لم تحرّك الدولة ساكنا أمام دعوة صريحة أطلقها نائب لتفجير " دائرة المتابعة والتفتيش"، بالديناميت. وهي دعوة صريحة للإرهاب، تتعامد مع وصول إرهابيين أردنيين من سوريا، بهدف التحضير لافتتاح الجبهة الأردنية!
الحراكيون أمام المحاكم، أما عشرات السلفيين الذين أوسعوا الطالب بدر السيوف في جامعة آل البيت ضربا لأنه وقف ضدهم في الانتخابات الطالبية، فكفّروه، فلم ينلهم شيء، وإنما يقبع هو في السجن بحجة حمايته من المجرمين الطلقاء! 120 نائبا من نواب المحافظات و"الأحزاب" ، يغرقون في الصمت والخوف منذ شهرين، وفي المشاحنات، وليس بينهم نائب واحد تحفزه النخوة للدفاع عن الدولة والوطن في مواجهة خلية من نواب التجنيس والمحاصصة، يملؤن الدنيا صراخا وتهديدات وتخرّصات، في هجوم تنسقه صحيفة تصدر في لندن، باللغة العربية، على كل الثوابت الوطنية الأردنية. ليدرك الجميع أن مجلس النواب سوف يفقد شرعيته، إذا ما تحول إلى منصة لجماعة الوطن البديل؛ فباستثناء ملف التجنيس والمحاصصة، لم نشهد في مناقشات النواب ولا في مشاورات التكليف، دفاعا عن البلد وكيانه، ولا طرحا لملفات الفساد، ولا مبادرة متكاملة لتغيير النهج الاقتصادي الاجتماعي، ولا خطة لتنمية المحافظات المفقَرة والمهمّشة. هناك خلل أساسي في التمثيل النيابي الأردني، فالنواب، في الدوائر الفردية والدائرة العامة، يمثلون شخوصهم وعشائرهم وجهاتهم، تمثيلا لا علاقة له بالسياسات العامة والمصالح العامة، لصالح تيار وحيد في البرلمان هو تيار التجنيس والتوطين والمحاصصة. رئيس الوزراء المكلف، عبدالله النسور، يستقوي على الفقراء، ولكنه يخضع لنهج اقتصاد السوق المتوحش وأوامر صندوق النقد الدولي من جهة، ويبتلع تجاوزات جماعة التوطين والمحاصصة، ويقدم وعودا بالتجنيس وبتشكيلة وزارية تراعي المنابت والأصول. حسنا .. نحن، بعد سنتين من الحراك الشعبي ووعود الإصلاح، نواجه النتيجة التالية: برلمان بلا سياسة سوى سياسة مقاولي التوطين والمحاصصة، وحكومة تواصل النهج نفسه الذي قاد البلاد إلى كارثة مالية واقتصادية واجتماعية، وفتح الباب أمام الفساد الكبير والفشل والمديونية والعجز. ويتحدث النسور عن " حكومة نظيفة"! وكأن الفساد هو مسألة أخلاقية وليست ظاهرة تنجم عن سياق كامل، يحابي الأغنياء والمستثمرين الأجانب ووكلائهم والشركات على حساب الأغلبية الشعبية، ويقوم على هدر المال العام في خدمة الكمبرادور والمقاولين، وتشتيت المرجعية السيادية للمالية العامة، ويهمل شروط التنمية المستدامة في المحافظات بعقول الأردنيين وسواعدهم. كل الفاسدين الكبار نجحوا لأن السياق سمح لهم بذلك. والسياق ما يزال قائما، ونبشركم، إذاً، بالمزيد من ملفات الفساد، بالمزيد من المديونية والعجز وانهيار الخدمات، بالمزيد من الإفقار والتهميش، وكذلك، بالمزيد من التجنيس والتوطين وبنشوء نظام المحاصصة. وهو ليس إلا ماكنة لتهديد السلم الاهلي. فوضى سياسية وفوضى قانونية وفوضى أمنية وفوضى مدينية وانفلات القوى السلفية والرجعية وقوى التوطين... في بلد تغمر شوارعه وميادينه القمامة وتتراجع فيه الخدمات العامة، ويتحول فيه التعليم والطب إلى تجارة، ويتحرك فيه الإرهابيون بلا قيود، وترتفع فيه الأصوات الداعية إلى استخدام الديناميت بلا رادع. ... حين تتفكك الدول، تبرز الحاجة إلى الحركات الوطنية التي تأخذ على عاتقها الدفاع عن الوطن وكيانه ومصالحه ومستقبله. وهذه هي المهمة المنوطة الآن بالوطنيين الأردنيين؛ احذفوا الاسم الرابع وتعالوا إلى خندق البلد. بقلم: ناهض حتر |
فوضى
أخبار البلد -