لم نعد نسمع أو نقرأ شيئاً هذه الأيام عن تحفيز النمو الاقتصادي ، بعد أن كان هذا الإصطلاح شائعاً في السنوات الأولى من الأزمة العالمية ، أي منذ 2008.
هناك إجماع على أهمية النمو الاقتصادي كحل لجميع المشاكل والتحديات الاقتصادية والاجتماعية ، فهو يعني ارتفاع مستوى المعيشة ، وخلق فرص عمل ، وزيادة إيرادات الدولة مما يخفض أو يسد العجز ويخفض الحاجة للاستدانة.
مع الإجماع على أهمية النمو كحل متعدد الأبعاد ، فإن هناك خلافاً حول وسائل تحقيق النمو ، أي تحديد المحفز الأهم الذي يجب اللجوء إليه لإنتاج نمو أو زيادة معدلاته.
في أميركا كان الاعتقـاد السائد أن محفـز النمو هو زيادة إنفاق المستهلك ، فلما انكمش المستهلكون ، تحول المحفز إلى زيادة الإنفاق العام والسماح بالعجز. وفي أوروبا لم يعد النمو يتمتع بالأولوية ، فالهدف هو الأمن والاستقرار ، ومن هنا يمارسون سياسة التقشف. وفي الصين كان تحفيز النمو بإطلاق العنان للقطاع الخاص.
الاقتصاديون على المستوى العالمي مختلفون ، فكل شيء يتغير بسرعة لدرجة يصعب معها اللحاق بالمتغيرات ، فما هو حافز النمو في الظروف الأردنية!.
في وقت ما كان النمو يعتمد على الحكومة وقطاعها العام ، فهي التي تؤسس المشاريع وتوظف الباحثين عن عمل ، ولكنها وصلت إلى طريق مسدود وأفلست أو كادت ، وأصبحت مضطرة لاتباع سياسة تقشفية وانكماشية ، على أمل ان يقوم القطاع الخاص بسد الفجوة وتعويض التراجع.
وفي وقت لاحق حدث تركيز مشدد على التخطيط المركزي ، فلما فشل انتقل الاهتمام إلى تدفق الاستثمارات الخارجية ، فتم تحسين المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز للمستثمرين باعتبار ان الاستثمارات الجديدة هي الوسيلة الأولى لخلق إضافة اقتصادية وتوليد فرص عمل جديدة.
في الحالة الأردنية لا تسبب زيادة الإنفاق الخاص الاستهلاكي نموأً اقتصادياً بل تزيد الاختلال في عدد من الموازين ، ذلك أن 70% من الإنفاق الخاص يتم على سلع مستوردة ، وتعتمد السلع الوطنية على مواد مستوردة لغاية 70% من قيمتها ، مما يعني ان معظم زيادة الإنفاق يذهب لصالح الاستيراد ، الذي لا ترافقه مصادر تمويلية كافية مما يؤدي إلى زيادة العجز ، وارتفاع المديونية ، والسحب على المدخرات السابقة ، وعدم خلق نمو اقتصادي أو توليد فرص عمل كبيرة.