لا ينبغي اعتبار زيارة الملك أمس الى صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية أنها بروتوكولية او روتينية أبدا؛ فالمطالعة الأولى لما تم طرحه وتداوله تنبئ عن استعدادات جدية لشق طريق جديد في مسار الاصلاح الديمقراطي والسياسي مستند لاسس علمية معاصرة، لإنتاج أجيال قادرة على المشاركة الحقيقية في بناء الدولة وتنمية المجتمع الاردني في مستويات السياسة والاقتصاد على حد سواء، بعيدا عن التخوفات والهواجس الامنية التقليدية، خاصة وان البحث في الامر هذه المرة خرج عن المعهود نحو من هو اكثر استقلالية بالقرار والمقدرة على المتابعة والتنفيذ من خلال رئيس مجلس امناء الصندوق الدكتور عمر الرزاز.
ما طلبه الملك من الرزاز واضح وجلي ومتحدد بمشروع وطني تنموي استراتيجي يمكن من انطلاقة خلاقة لرعاية الشباب وإتاحة الفرص الحقيقية أمامهم لأخذ زمام المبادرة من مواقع الاقتدار والمعرفة والتأهيل لتحمل المسؤولية، بما يمكن الدولة لطرح جدي بفتح أبواب المشاركة بالقرار والادارة وتقبل المبادرات، ومن الجانب المقابل أفصح الرزاز عن توفر الامكانيات اللازمة والمتاحة التي من شأنها الانطلاق الفعلي بالطلب محددا شهر تشرين الاول من العام الجاري لذلك، بشعار أساسه التمكين الديمقراطي للشباب وعلى أوسع مساحة لتشمل كل الوطن.
المهم واللافت بما أراده الملك من الصندوق هو الاستعداد والجاهزية له، والحال يعني ان إدارته تعمل عليه أساسا وفق ترتيب وخطط مسبقة، ويبدو واضحا ان تحميل مسؤوليته للرزاز عنوانها جدية الافكار والمشاريع المطلوب تنفيذها، وعليه فانه من غير الممكن ان يكون الحال هنا كما هو لصندوق تنمية المحافظات او اي صندوق اخر للتنمية او التشغيل، خصوصا وان جوهر الافكار المطلوب صناعتها على الأرض سياسي بامتياز، وبجوانب اقتصادية، يمكنها من عكس حالة اجتماعية بمستوى أردن جديد وشعب يليق بذالك تماما، والفصل بالأمر يتعلق بنفاذ الإرادة لكل ذلك والانتصار على قوى الرفض والتعطيل وكل ما هو خشبي ومتكلس منذ عقود.