لكن الآلية الجديدة توفر تمريناً سياسياً يتعدى شخص رئيس الوزراء الى مضمون القضايا الملحة التي يفترض ان يتضمنها برنامج الحكومة للسنوات القادمة.
ما طرحته كتلة وطن باستثناء بندين يدخل في رسم تصور لبرنامج الحكومة المقبلة, فان يتوافق الرئيس مع برنامجه تعني ان يلتزم بالبرنامج الذي يطرحه, واستعادة ثقة الشارع والحراكات, تبدأ من حيازة ثقة البرلمان والتوافق على برنامج للحكومة يخدم المواطنين ويلبي تطلعاتهم، وليس كل ما يطرح في الشارع قابلاً للتطبيق الفوري وبعضه خاضع لتوفر الامكانات في الدولة, اما الحوار الوطني فيجب ان يكون ملزماً للبرلمان والحكومة وبدونه سيتحول الخلاف السياسي لا سمح الله الى نزاع, فهو ضرورة وأبجدية في العمل السياسي والوطني، فالمشكلة تكمن في من يرفض الحوار وليس في من يعرض الحوار.
اما حماية الطبقة الفقيرة والمتوسطة فتعني الحفاظ على قاعدة الديمقراطية والقوة الدافعة فيها, ومحاربة البطالة وتوفير فرص العمل والخدمات الاجتماعية والعامة, واجب على الحكومات وحق اصيل من حقوق المواطنين يجب أن لا يكون موضع مساومة وانما موضع محاسبة, فبقدر ما تُلبى هذه المطالب يقاس نجاح الحكومات وكذلك توزيع مكاسب التنمية على جميع المحافظات التقصير الذي تلام عليه جميع الحكومات الأردنية بدون استثناء.
اما استكمال القوانين التي تعزز الاصلاح كالانتخاب والاحزاب فلا اصلاح سياسي بدون احزاب وطنية قوية تتداول السلطة وتتنافس عبر البرلمان وفق برامج تلبي طموحات المواطنين والاهداف الوطنية.
الكتلة الديمقراطية ايضا أوردت مقترحات حول الوفاق الوطني والعدالة الاجتماعية وتوزيع مكاسب التنمية وتطوير الخدمات وجميعها تتصل ببرنامج عمل الحكومة القادمة ايضاً.
ولا اظن ان الكتل الاخرى ستشذ عن القاعدة, فالبرنامج الحكومي هو الذي يحدد اداء الحكومة اما شخص الرئيس فيكفي ان يكون نزيهاً, وان لا يكون للشارع عليه مآخذ من حيث أداؤه السابق.
فلا يجوز لأحد وبخاصة لنواب لم يجلسوا في العمل السياسي سوى بضعة ايام أن ينفوا طبقة سياسية بكاملها واكبت تطور الدولة وتقدمت في اطارها, لا يحدث هذا إلا في الانقلابات العسكرية, وللبرلمان أن يسقط أي فاسد أو سياسي عليه شبهة, لكن على النواب ايضاً أن يتعلموا من تجارب من سبقوهم.
توزير النواب قبل استكمال بناء احزاب قوية قادرة على حيازة الاغلبية وتشكيل الحكومة قطعاً سيخل باستقلال مؤسسة التشريع عن السلطة التنفيذية وقد لا يكون لصالح الحكومات او التشريع.
يبقى البند الشائك الذي اوردته كتلة وطن، وهو الحسم في جدل الهوية والمواطنة على اساس العدالة والمساواة، نحن مع العدل والمساواة بين جميع من يحملون الجنسية الأردنية فهذا حق دستوري لا جدال فيه.
اما اذا قصد بذلك فتح باب التجنيس الواسع في هذه المرحلة، واضافة ملايين من طالبي التجنيس ، وتجاهل ان الدولة الفلسطينية لا تقوم فقط بالارض التي تسترد من الاحتلال وانما بالشعب الذي يقيم على هذه الارض؛ وان كل عائلة فلسطينية تهجّر من ارضها بالتجنيس يحل محلها مستوطنون.
كان على الدولة الأردنية، دسترة قرار فك الارتباط الذي خلق الالتباس، فكيف نكون مع الدولة الفلسطينية ونحن نجنس من تبقى من مواطنيها، هذا الموضوع الشائك يجب البحث فيه عندما تتوازن كفتا الميزان، وتقوم الدولة الفلسطينية بأرضها وشعبها، ولا يجوز ان يكون موضع مساومة داخلية حتى لا يُربَك الوطن بقضايا شائكة تُخل بالهوية من جهة وتثير النزاع في المستقبل.
بالتأكيد هناك العديد من الشرفاء الاكفياء، من رجالات الدولة السابقين، ومن غيرهم واذا اتفقنا ان الحكومة القادمة ملزمة بتقديم برنامج عمل يستجيب لنبض الشارع، ومصالح المجتمع، وسيادة الدولة، وحق المواطنين .والبرلمان في محاسبة الحكومة على ادائها، فلن نضل
بقلم: نصوح المجالي