بعد أقل من ثلاث ساعات بقليل تلقى أحد أركان قائمة المواطنة إتصالا هاتفيا من زعيمها قشوع يبلغه بالآتي: إستطعنا تحصيل مقعد في البرلمان.
لاحقا غرقت مجريات العملية الإنتخابية بما تسميه اوساط الحراك مسلسل 'عبله وقشوع' حيث إحتار القوم في تحديد لمن يستحق المقعد الأخير في مقاعد القوائم.
تبين لصناع القرار بأن 'إغراق' الإنتخابات بأكثر من 61 قائمة مناطقية وعشائرية بلا برامج حقيقية لم ينته فحسب بقص أجنحة كل القوائم الكبيرة إنما بإستعصاء ورقي وإلكتروني في حساب الأرقام.
أحداث مماثلة حصلت في العديد من مواقع الإنتخاب عمليا والسلطة إضطرت للمفاوضات ولجوائز ترضية لبعض المرشحين والعشائر والمناطق كما صرح الحقوقي عبد الكريم الشريده.
الزعيم السياسي عبد الهادي المجالي بعدما حظي بمقعد واحد فقط إتصل بالعديد من المسؤولين مستغربا: كيف تجمع قائمتي 45 ألف صوتا وتحصل على مقعد فيما تجمع قائمة أخرى 14 الفا وتحصل مثلي على مقعد؟.
سؤال المجالي ردده كثيرون حتى داخل مواقع القرار وكل الأسئلة وجهت للدبلوماسي المخضرم عبد الإله الخطيب رئيس الهيئة المستقلة لإدارة الإنتخابات الذي سيغادر موقعه خلال أيام فقط بعدما إجتهد وناضل لوضع الجسم الوليد 'المستقلة' على خارطة الواقع.
جواب الهيئة والخطيب على سؤال الأرقام والعدالة كان بسيطا: الهيئة إجتمعت بجميع مفوضي القوائم قبل الإقتراع وأبلغتهم بطريقة حساب الأصوات للقائمة ووافق الجميع ولم يعترض احد.
حتى المعارضة الهادئة عبله أو علبه سألت عن 'لعبة ما' جراء سحب مقعدها وإعلان فوز قشوع به بعد إبلاغها بأنها صاحبة المقعد لتعالجها المستقلة بتصريح يقول: لم نبلغها بأي شيء رسميا.
العملية والتي يشهد الجميع بانها ملكت حدا مقبولا من النزاهة إنتهت بان خرجت أبو علبه ومن يناصرها من 'اليسار المعتدل' من معادلة العلاقة مع الحكم ومشروع خلافة الأخوان المسلمين الذين سيتم تقديم ما يمكن بوصفه بمثابة العرض الأخير بعد إنهاكهم وإثبات وجهة نظر الدولة والنظام وقوامها: نستطيع لعلمكم إجراء إنتخابات بدونكم.
بالمقابل صمت الإخوان المسلمون أربعة أيام متتالية ليصدروا صباح الإثنين بيانا يهاجمون فيه بقسوة نتائج الإنتخابات متحدثا عن ممارسات خطيرة تخللتها أشكال من التزوير والفوضى والإضطراب والفوضى.
قبل ذلك إكتفى الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي الشيخ حمزة منصور بالحديث عن 'مخالفات' حصلت وهي صيغة المنظمات الدولية قبل تطوير المشهد على لسان الرجل الثاني في جماعة الأخوان الشيخ زكي بني إرشيد الذي أعلن: نزيهة لم يسمح لها بدخول الأردن ولم تحصل على تأشيرة.
بعد العبارة الساخرة لبني إرشيد طورالإسلاميون موقفهم وتحدثوا صراحة عن فوضى وتزوير لكنهم لم يقدموا أي أدلة في السياق وإن كان بيانهم يوحي بأن 'أدلة الأخوان المسلمين' على التلاعب والفوضى في الطريق.
حصل ذلك فيما لم تتضح بعد بوصلة بدلاء الأخوان وحزب الأغلبية الجديد الوسط الإسلامي الذي يتعرض لهجوم حاد من ثلاثة إتجاهات في الواقع اليوم هي الأخوان المسلمون و'حيتان' البرلمان المعتادون والدائمون والذين عاد الكثير منهم إضافة لكل من يشكك في الإنتخابات أو يعارض ويناكف النظام ويتعاطف مع الحراك.
هنا حصريا برز ت بعض تيارات الوسط فقائد حزب الرفاه الوسطي محمد الشوملي إتهمتهم صراحة إدارة الإنتخابات بالعمل على إنجاح حزب الوسط الإسلامي بالتلاعب نكاية بالأخوان المسلمين.
الشوملي صرح بأن صدام حسين لو ترشح في الإنتخابات الأردنية لما حظي بكل هذه الأصوات التي حصل عليها الوسط الإسلامي.
حزب الوسط لديه لاعبان أساسيان لا يستهان بهما وهما أخوانيان سابقا من خبراء اللعب ودهاليز السياسة المؤسس النشط مروان الفاعوري ورئيس قائمة الحزب البرلمانية محمد الحاج.
كلاهما الحاج والفاعوري لا ينوي التساهل إزاء الحملة المبكرة على الحزب الجديد الذي أعلن نفسه ممثلا للأغلبية فالعديد من الأطراف بدأت بنهش التجربة ويخشى مراقبون من أن 'الإنفلات البيروقراطي' الذي شهدته الإنتخابات عندما 'تمردت' قيادات التنفيذ على الهيئة المستقلة كفكرة وكمنهج يمكن أن ينعكس على موقف المؤسسة الأمنية والبيروقراطية من الحزب المتطلع علنا للسلطتين.
لكن مشكلة الإنتخابات لم تقف عند هذه الحدود حيث برز إجماع وسط النخبة أنها ساهمت في تقسيم مجتمع مقسم وعززت الهويات الفرعية عند المناطق والعشائر وأحكمت سيطرة العائلات والمال السياسي على مفاصل عملية التشريع وكشفت عيوب المجتمع الفارقة.
هنا تطفو التفاصيل المحبطة والمرهقة فأبناء بئر السبع من الأردنيين حظوا بسبعة مقاعد برلمانية وأبناء قبيلة بني حسن بأكثر من عشرة والعشرات من المقاعد حصلت عليها عائلات بعينها والتمثيل عموما أصبح عكس كل الإتجاهات التي أرادها قانون القوائم أو قيل أنه يستهدفها.
ويمكن ملاحظة تقارير المنظمات الدولية وهي تشيد بالإجراءات والمعايير لكنها تتحدث عن غياب 'العدالة'.
العبارة التي يرددها الخطيب منذ خمسة أيام: هذا هو شعبنا وهذا مجتمعنا ما الذي يمكن أن نفعله؟.