قبل أيام من موعد الاقتراع لاختيار نواب المجلس السابع عشر، شددت الأجهزة الأمنية من إجراءاتها لاحتواء ظاهرة المتاجرة بأصوات الناخبين. فبعدتوقيف عدد من سماسرة البطاقات الانتخابية، توسعت دائرة الاعتقالات لتطال مرشحين ضبطوا بالجُرْم المشهود. كمابدأت جهات التحقيق استجواب مرشحين مهمين في دوائر عمان، أحدهم يتزعم قائمة انتخابية.وتفيد مصادر رسمية بأن التحقيقات ستشمل مرشحين من العيار "المالي" الثقيل.الإجراءات الرسمية ضد المال السياسي في الانتخابات ضرورية لإنقاذ سمعة العملية الانتخابية، لكنها متأخرة كثيرا. وقدخضعت قبل الإقدام عليها لمساومات طويلة في أروقة صناعة القرار؛ إذ يعتقد بعض المسؤولين أن التشدد في محاربة ظاهرة شراء الأصوات يؤثر سلبا على نسبة الاقتراع!المؤكدأن الحملة المكثفة ضد مرشحي المال السياسي ستساهم في الحد من عمليات شراء الأصوات التي تستشري، في العادة، مع اقتراب يوم الانتخابات، وفي يوم الاقتراع نفسه. ولاشك في أن توقيف مرشحين وسماسرة، واستدعاء آخرين للتحقيق، سيشكلان رادعا قويا لمن يخطط لإتمام صفقات شراء في الأيام القليلة التي تفصلنا عن يوم الانتخابات.لكن، ما الذي يمكن فِعله مع مرشحين أتمّوا من قبلُ صفقات الشراء؟ وماذا بوسع الناخب الذي باع صوته أن يفعل لاستدراك الموقف؟لا شك في أن اعتبارات اقتصادية ومعيشية هي التي دفعت ناخبين إلى بيع أصواتهم. والمرجحأن غالبيتهم أنفقوا المبالغ التي حصلوا عليها من المرشحين المقتدرين. الحلالوحيد أمام من باع صوته "ليكفِّرَ" عنذنبه، هو ببساطة أن لا ينتخب المرشح الذي اشترى صوته. نعم؛أخذتم ماله فلا تنتخبوه، فذلك هو أقوى عقاب لمن يقدم على فعل غير إخلاقي ومخالف للقانون.وقديقول قائل إن من باع صوته أقسم على انتخاب من اشتراه. على هؤلاء أن يتنبهوا إلى الفتوى التي أصدرها عدد من رجال الدين الأجلاء، وبالإجماع، واعتبرت عمليات بيع وشراء الأصوات برمتها باطلة ومخالفة للتعاليم الدينية والقوانين.ثم،على الناخبين أن يعلموا أن ما من شخص يملك ثروة شرعية جناها بعرق جبينه يستخدمها في عمليات غير قانونية وغير اخلاقية؛ حتما هي أموال حرام نُهبت من مال الشعب، أو من عمليات غير مشروعة، كغسيل الأموال وتجارة المخدرات.تحتضغوط الحياة الصعبة، وإغراءات المال، والشعور بعدم جدوى البرلمانات، يَقبلُ كثيرون بيننا مقايضة حقّهم الدستوري بالمال؛ ففي ذلك منفعة مباشرة لن يحصل على غيرها من المرشحين بعد فوزهم حسب رأيهم. ولهذهالاعتبارات يقرر أصحاب هذا الرأي أن "ينوّموا" ضميرهم لبعض الوقت.أما وقد حصل ذلك، فما رأيكم لو قمتم بعملية إنعاش للضمير عند الدخول إلى غرفة الاقتراع، ليكون له الرأي القاطع في من تنتخبون؟لقد أخذتم أموالهم وانتهى الأمر. التصويتسرّي، وما من رقيب عليكم لحظة الاختيار إلا ضمائركم؛ فانتخبوا غيرهم.. لا تنتخبوهم، كي لا يفعلوها مرة ثانية.fahed.khitan@alghad.jo