لا تتلقى الانتخابات الاسرائيلية التي ستجري في الاسبوع الاخير من هذا الشهر ما تناله عادة من اهتمامات وسائل الاعلام العربية، الاردن مشغول بانتخاباته النيابية ومصر أيضاً تستعد لانتخاباتها التشريعية بعد شهرين وعواصم الربيع العربي الأخري غارقة بانشغالاتها الداخلية، اما وزراء الخارجية العرب فمن مؤتمر الى آخر بحجة الانشغال بالقضية السورية وعلى ارض الواقع ( ترى غبارا ولا تسمع طحنا ). اللاجئون السوريون يشكون من عدم قيام العرب بالالتزامات المالية تجاههم وخيامهم تعصف بهالرياح في الزعتري، اما الجيش الحر فآخر الانباء تؤكد انه يعاني من نقص الذخيرة .
نتياهو إذن ومعه عصابة اليمين يسرحون ويمرحون في حملاتهم الانتخابية مستخدمين كل ما في جعبتهم من دعوات التطرف التي يعاد إنتاجها من قاموس عصابات الأرغون وشتيرن التي تفاخر مناحيم بيغن يوما بان الفضل في قيام اسرائيل يعود لهذه العصابات لانها هي التي مارست الإرهاب الذي ادى الى التهجير الجماعي للفلسطينيين عام ٤٨ .
من تعاسة هذا الزمن ان يتحدث زعماء عصابات الاحتلال والاستيطان دون ان يلقمهم احد حجرا ، وان يسكت العالم على ادعاءاتهم بانهم حماة الأمن والسلام الدوليين فيما الواقع ان احتلال اسرائيل لفلسطين هو الوحيد الموجود على الكرة الأرضية وان هذه الدولة هي الوحيدة التي تمثل عقيدة عصر الاستعمار الاول، عندما كان المستعمرون يجوبون القارتين الأمريكيتين لإبادة الشعوب الاصلية وبناء المستوطنات لإحلال شعب محل اخرى .
من آخر تفوهات نتنياهو هذا الاسبوع ان « لا خطر من بناء المستوطنات في القدس انما الخطر في المفاعل النووي الإيراني وان على العالم ان ينظم الى اسرائيل لمواجهة الأخطار الحقيقية التي تهدد الأمن العالمي « ! . مثل هذا التضليل يلاقي الصمت وحتى القبول في عواصم عالمية ينتشر فيها أنصار اسرائيل وأصدقائها، لكن من المؤسف ان يلاقي أيضاً الصمت او اللامبالاة في العواصم العربية وان تنشغل حكومات الربيع العربي في كل شيء وتتجاهل الخطر الحقيقي الذي يهدد الأمن القومي .
من السخرية بمكان ان تدعي دولة مثل اسرائيل بانها تقود عملية حماية الأمن العالمي من الأخطار التي تتهدده وهي المنشغل في بناء الجدران العالية والعازلة بينها وبين كل جيرانها، جدار عازل حول غزة وآخر في الضفة الغربية وثالث مع مصر ورابع فرغت منه حديثاً مع سوريا. دولة هذا هو انشغالها لا يمكن ان تكون منفتحة او متفاعلة مع الاخرين انها ضد سياسة الابواب المفتوحة، تتمترس خلف الجدران للاحتفاظ بما نهبت وسرقت من ارض وحقوق الفلسطينيين والعرب تماما مثلما يلتجئ اللصوص الى الكهوف للحماية وهربا بمسروقاتهم.
أخيرا الخطر ليس في مفاعل سلمي إيراني انما في ترسانة السلاح النووي الاسرائيلي التي وجدت لتحمي أعمال الإرهاب والقتل والاحتلال الذي تمارسه اسرائيل ، وتجعلها قوة خارجة فوق القانون الدولي ...دولة الجدران العازلة لا تختلف عن نظام كوريا الشمالية في فكره ومخاوفه فهي تتحصن خلف أسوار الكراهية والحقد على من حوله، ولا تفكر الا بالطريقة التي تولد حربا جديدة مع الاخرين .