يُخصص الملك حديثه، في ورقته النقاشية الاولى، للأفكار العامة والممارسات الضرورية خلال العملية الانتخابية، ضمن خارطة طريق للإصلاح وصولاً الى الملكية الدستورية، والحكومات البرلمانية، وتعمّد في المقدمة ان يربط هذه الورقة، وما سيليها من اوراق بمقابلته الصحافية مع الزميلين سمير الحياري وسمير برهوم، التي نُشرت قبل أقل من شهر.
قراءة الورقة، إذن، ستكون ناقصة دون التمعن في ما قاله في المقابلة، وهذا ما لم نتابعه في الكتابات والمقابلات وردود الأفعال المختلفة، ومن المهم القول هنا إن الملك رسم طريقاً مقترحاً للمرحلة المقبلة، يكاد يجيب على كل التساؤلات المطروحة، وبصراحة فهو يتجاوز في رؤيته الكثير من الشعارات التي تُكتب على يافطات المرشحين، وتُرفع في المسيرات والمظاهرات.
- الملك يُعيد التركيز على موضوع اسلوب اللامركزية التي تعزز توجهات تجذير الديمقراطية المحلية، وهو موضوع تعثّر لاسباب مناكفات سياسية وهواجس ومخاوف ثبت انه لم يكن لها اي داع.
- والملك يعلن التسريع في جهود مكافحة الفساد باجراءات صارمة، وهذا ما يحصل الان، وهو يهيئ الأرضية اللازمة لميثاق النزاهة وهذا ما حصل من خلال اللجنة الملكية، والاهم انه يعلن عن قانون رادع سيحمل اسم "الكسب غير المشروع”، وهذا مطلب تاريخي للمعارضة.
- والملك يطرح قانون الانتخاب المثير للجدل للدراسة مرة ثانية، ويقدم أفكاره بهذا الخصوص، ويفتح الباب امام دراسة فكرة الانتخابات المبكرة، بمعنى ان لا قداسة للسنوات الأربع، وهذا مبدأ ديمقراطي اصيل.
- والملك يطرح فكرة "حكومة الظل” التي تمارس مع ائتلافها البرلماني الرقابة على الحكومة.
- والملك يسمّي المرحلة المقبلة بالانتقالية، ويركز على عدم الجمع فيها بين النيابة والوزارة.
- والملك يركز على القوانين الضرورية التي تعني الغالبية الغالبة من المواطنين، مثل: قانون ضريبة دخل تصاعدي، وقانون ضمان اجتماعي يكرس العدالة بين المشتركين، وقانون مالكين ومستأجرين متواز، وقانون حماية المستهلك.
- والملك يوجه رسالة مباشرة لحركة الاخوان المسلمين، يقول نصّها: وفي حالة الإخوان تحديداً، فهم تاريخيا مكون رئيسي في الطيف السياسي والنسيج الاجتماعي، وكانوا على امتداد المسيرة جزءا من النظام السياسي، ولم يتم اضطهادهم ولا إقصاؤهم، بل إنهم تولوا مناصب رسمية قيادية ومتقدمة في مراحل مختلفة، وفي إحدى المراحل كان لديهم نحو ثلث مقاعد مجلس النواب.
هذه بعض التوجهات التي التقطناها من المقابلة، التي تشير اليها ورقة الملك النقاشية، ونتمنى التمعّن فيها لانها تفتح الباب امام تعزيز المشاركة في العملية السياسية، وعودة المقاطعين عن مقاطعتهم إن لم يكن الان ففي المستقبل غير البعيد، وهي في اول وآخر الامر تعبد الطريق امام إصلاح حقيقي يتوافق عليه الجميع.