عاد وزير النبوءات وقراءة المستقبل وزير التنمية السياسية وزير الشؤون البرلمانية بسام حدادين إلى الحديث حول «الحتميات» و«التأكيدات» و«الغيبيات»، كما عاد إلى الحديث بلغة الجمع وباسم جميع الأردنيين وكأنه الحاكم بأمر الله في الأرض.
فهو يؤكد «أن الأردنيين لن يقبلوا أن يكون هناك طرف سياسي واحد يمتلك حق الفيتو (...) ليس أمامنا خيار سوى الذهاب إلى الانتخابات النيابية المقبلة».
ويذهب أبعد من ذلك حين يقرأ ما كتب على الماء أو بالحبر السري، ويقول: «الأردن مقبل على مرحلة مهمة ومفصلية تمهد للإصلاح السياسي لتكون أول لبنة أساسية في البناء».
ويحسم بطريقة غريبة أن «الطريق للحكومات البرلمانية يشكل حلما للجميع، وهي أرقى أشكال الحكم الديمقراطي في العالم»، وهنا لا نعرف بالضبط أي «الجميع» يقصد هل جميع الأردنيين أم جميع أفراد الحكومة والسادة المستوزرين، وإذا كانت الحكومة البرلمانية هي أرقى أشكال الديمقراطية فلماذا لا يقوم حدادين بتقديم هذه النصيحة للولايات المتحدة مثلا والتي لم تعرف يوما الحكومات البرلمانية.
ونسأل كيف سيقوم البرلمان القادم بـ «تعبيد الطريق للحكومة البرلمانية»، إذا كانت بعض الوجوه المرشحة حاليا كالحة ومستهلكة، وبعضها كان في البرلمان السابق الذي أغلق ملفات فساد خطيرة، وبعض الأسماء وردت في قضايا فساد حكمت فيها المحاكم الأردنية؟.
ويصر حدادين على تكرار أكذوبة أن «الدولة الأردنية دعت إلى الحوار مع المعارضة بكافة أشكالها، غير أن هناك قوى وضعت الأسلاك الشائكة في الطريق».
ونسأل حدادين الذي كان في صفوف المعارضة قبل أن يدخل في المنصب الرسمي قبل أقل من شهرين، هل المعارضة التي لا تملك أية أدوات تنفيذية هي التي وضعت العراقيل والأسلاك الشائكة أم الحكومات المتعاقبة التي كان همها الاعتداء على قوت الفقراء وعلى الحريات العامة والتغطية على الفساد ومحاصرة الصحافة والمواقع الإلكترونية والإعلام الحر وممارسة لعبة الإصلاح السياسي.
لقد لعبت الحكومات في العامين الماضيين دورا تأزيميا مقصودا ومتعمدا نتج عنه تيار إقصائي تقسيمي لا يريد أية إصلاحات حقيقة أو جدية، وفي ظل هذا التيار لم يعد الكلام عن الحوار مناسبا.
والحوار ليس ترفا أو تمضية للوقت أو قتلا للفراغ، وإنما هو عملية سياسية متكاملة تقوم على رغبة وإرادة سياسية تأخذ بمطالب الشارع، وتسمع لصوت العقل، ولا تضع قوانين كيدية للمناكفة السياسية فقط مثل قانون الانتخاب الحالي؟
ويمكن أن يصنف كلام حدادين منذ أن استلم موقعه ضمن سياق المناكفة واستفزاز لجزء كبير من مكونات المجتمع الأردني، وضحك على المواطنين من أجل الذهاب إلى انتخابات ستكون آثارها مدمرة على الدولة الأردنية بأكملها.
وهنا نذكر بأن حدادين هو صاحب وثيقة الصدام مع المعارضة والحركة الإسلامية، والأخطر من تصريحات حدادين إصرار رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور على الدفاع عن طروحات وزيره حدادين ضمن سياق حقه في الكلام وإبداء رأيه، وينسى كلاهما الرئيس والوزير أنهما الحكومة وليس الدولة الأردنية التي تجد نفسها في مواجهة سياسية غير مبررة مع مكونات رئيسية من أبناء وبنات الأردن.